«قومي حقوق الإنسان» يطلق برنامجًا تدريبيًا متميزًا حول مبادئ الرصد والتوثيق والإبلاغ لتعزيز الوعي الحقوقي

بدأت فعاليات البرنامج التدريبي الذي يحمل عنوان «مبادئ الرصد والتوثيق في مجال حقوق الإنسان والإبلاغ عنها»، والذي ينظمه المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ومكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث حضر الافتتاح السفير محمود كارم رئيس المجلس، والدكتور إسماعيل عبدالرحمن عضو المجلس، والدكتور هاني إبراهيم الأمين العام، بالإضافة إلى ممثلين عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
أوضح السفير محمود كارم أن انعقاد الدورة التدريبية حول مبادئ الرصد والتوثيق يأتي في وقت حاسم، ويعكس إيمانًا راسخًا بأن بناء القدرات لم يعد مجرد خيار مؤسسي، بل أصبح ضرورة ملحة استجابة لتوصيات لجنة الاعتماد، خصوصًا فيما يتعلق بتعزيز التفاعل مع قضايا الاحتجاز وتطوير نظام الإبلاغ وفق المعايير الدولية.
وأشار «كارم» إلى أن المجلس يولي اهتمامًا كبيرًا لمجال الرصد والتوثيق، حيث يُعتبر هذا المجال الأساس الذي يُبنى عليه كل تحليل، وينبثق عنه كل توصية أو مطالبة، مضيفًا أن التدريب يهدف إلى ترسيخ منهجية دقيقة تبدأ من الميدان وتعتمد على التحقق وتستند إلى الحقيقة مهما كانت التحديات.
كما شدد «كارم» على أن الكوادر العاملة في المجلس تُعتبر ركيزة أساسية في تطوير الأداء الحقوقي، نظرًا لما تمتلكه من خبرات ميدانية تتيح جمع البيانات من مصادرها الأصلية وصياغة تقارير تتميز بالتحقق والموضوعية وتحظى بالتقدير محليًا ودوليًا.
وأكد «كارم» أن الدولة تشهد تحولًا نوعيًا في فلسفتها تجاه السجون، حيث لم تعد تُعتبر مجرد أماكن للعقوبة، بل أصبحت مراكز لإعادة التأهيل قائمة على احترام الكرامة الإنسانية، وتوفير الدعم النفسي والقانوني والتعليم، مع السماح بالزيارات المفاجئة وتفعيل آليات الشكاوى.
وأضاف أن المجلس يقوم بزيارات منتظمة لأماكن الاحتجاز ويقدم توصياته للجهات المختصة، في إطار علاقة تطورت من المراقبة إلى التفاعل والتكامل.
من جهته، أكد الدكتور إسماعيل عبدالرحمن عضو المجلس أن انعقاد الدورة التدريبية المتخصصة في مجال الرصد والتوثيق يعكس التزامًا جادًا من المجلس بتعزيز قدراته المؤسسية في مجالات الرصد والتوثيق، مشيرًا إلى أن حقوق الإنسان أصبحت اليوم أحد أهم محاور السيادة الحديثة، وأن الدول تُقاس جديتها بمدى التزامها بحماية هذه الحقوق وتعزيزها.
وأضاف «عبدالرحمن» أن المجلس، باعتباره مؤسسة وطنية مستقلة، يُولي أهمية قصوى لبناء قدرات كوادره والارتقاء بوعيهم ومهاراتهم، مؤكدًا أن لجنة التدريب بالمجلس تحرص على تبني تجارب دولية ناجحة، في إطار شراكات تقوم على التوازن والاحترام المتبادل.
وثمّن «عبدالرحمن» الشراكة الممتدة مع مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، موضحًا أنها تعاون راسخ مبني على احترام الخصوصية الوطنية والسعي المشترك لتطوير الأداء المؤسسي بما يتماشى مع المعايير الدولية ويعزز التزام المجلس بمبادئ باريس.
بدوره، أكد الدكتور هاني إبراهيم الأمين العام للمجلس أن الدورة التدريبية تأتي ضمن مسار إصلاحي متكامل يشهده المجلس، يهدف إلى تعزيز الأداء المؤسسي والارتقاء بمهارات العاملين فيه، لا سيما في مجالات الرصد والتوثيق وإعداد التقارير، وهي الجوانب التي تمثل جوهر العمل الحقوقي وأساس أي تدخل موضوعي وفعّال في قضايا حقوق الإنسان.
وأشار إبراهيم إلى أن الشراكة مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان هي شراكة استراتيجية تقوم على تبادل الخبرات والتعلم المتبادل، في إطار الاحترام الكامل للسيادة الوطنية والسياق الثقافي والاجتماعي المصري.
وأضاف أن المجلس يضع في مقدمة أولوياته بناء كوادر فنية قادرة على الرصد الميداني المهني، وتحليل البيانات وإعداد تقارير تستند إلى الأدلة والتحقق، مؤكدًا أن مواكبة التغيرات المتسارعة في المشهد الحقوقي تتطلب إرادة تحديث دائمة وانفتاحًا على أفضل الممارسات الدولية دون التخلي عن الخصوصية الوطنية.
واعتبر إبراهيم أن الدورة تمثل إحدى الركائز الأساسية في خطة تطوير العمل بالمجلس، بما يُرسّخ منهجية الوقاية والملاحظة الدقيقة والتحقق الميداني، مؤكدًا أن مخرجات التدريب ستكون محل متابعة وتفعيل ضمن خطة الارتقاء بالأداء المؤسسي وبناء الثقة المجتمعية في المجلس كجهة وطنية مستقلة تُعنى بحماية وتعزيز حقوق الإنسان.
يهدف البرنامج إلى تعزيز قدرات باحثي المجلس في مجالات رصد وتوثيق أوضاع حقوق الإنسان، وإجراء المقابلات، وحماية الشهود، والتحليل القانوني والوقائعي، بما يسهم في دعم منظومة الحماية الحقوقية.
ويشارك في التدريب باحثون من مختلف لجان ووحدات المجلس ضمن منهجية تشاركية تتضمن عروضًا تقديمية ودراسات حالة وجلسات تفاعلية تهدف إلى تعميق المعرفة وتطوير المهارات العملية.
يعكس البرنامج إيمان المجلس بأن الاستثمار في الكوادر هو استثمار في مستقبل حماية حقوق الإنسان، وأن الرصد الموضوعي يمثل أداة محورية لدعم المساءلة والوقاية، انسجامًا مع أفضل الممارسات الدولية ومبادئ باريس.