بعد الفرمان السلطاني بتطبيق ضريبة الدخل في عمان.. من يدفع ومن ينجو؟

بعد الفرمان السلطاني بتطبيق ضريبة الدخل في عمان.. من يدفع ومن ينجو؟
ضريبة الدخل في عمان

في خطوة جريئة تُعد سابقة من نوعها في منطقة الخليج، أصدر السلطان هيثم بن طارق مرسومًا سلطانيًا بإقرار ضريبة على دخل الأفراد، لتكون سلطنة عُمان أول دولة خليجية تُفعّل هذا النوع من الضرائب المباشرة، في تحول اقتصادي يهدف إلى تعزيز الإيرادات غير النفطية وترسيخ مفاهيم العدالة الضريبية.

نافذة جديدة على السياسة المالية في السلطنة

ينص القانون الجديد على فرض ضريبة بنسبة 5% على دخل الأفراد الذين تتجاوز مداخيلهم السنوية 42 ألف ريال عماني، أي ما يعادل حوالي 109 آلاف دولار أمريكي، وبذلك، فإن الغالبية العظمى من سكان السلطنة، بما فيهم أصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة، لن يخضعوا لهذه الضريبة.

وسيدخل القانون حيّز التنفيذ بداية من يناير 2028، بعد فترة تمهيدية سيتم خلالها إصدار اللائحة التنفيذية وإعداد البنية التحتية المؤسسية والتقنية.

رؤية اقتصادية تتجاوز النفط

تسعى عُمان من خلال هذه الخطوة إلى تنويع مصادر دخلها الوطني، في إطار مستهدفات رؤية عمان 2040، التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للإيرادات العامة، وزيادة مساهمة الضرائب والإيرادات غير النفطية في الناتج المحلي.

ووفقًا لتصريحات رسمية، فإن هذه الضريبة ستُستخدم في تمويل برامج الرعاية الاجتماعية، ودعم القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم، ما يجعلها أداة لإعادة توزيع الثروة وتعزيز العدالة الاجتماعية.

معايير اجتماعية وإنسانية ضمن القانون

لم تقتصر الحكومة على فرض الضريبة فقط، بل وضعت ضمن القانون حزمة من الإعفاءات والخصومات تراعي الظروف الاجتماعية للأسر، ومنها ما يتعلق بمصاريف التعليم، السكن، العلاج، الزكاة، والميراث.

وقد تم تحديد حد الإعفاء بدقة، بعد إجراء دراسات ميدانية واقتصادية معمّقة، خلصت إلى أن أكثر من 99% من المواطنين والمقيمين لن يتأثروا بالضريبة الجديدة، ما يعكس اهتمام الحكومة بعدم المساس بالعدالة الاجتماعية.

جاهزية كاملة قبل التطبيق

كشفت كريمة السعدية، مديرة مشروع ضريبة الدخل للأفراد في جهاز الضرائب، أن النظام الإلكتروني المصمم لإدارة هذا القانون سيكون متكاملاً مع الجهات الحكومية ذات الصلة، وسيُتيح تقديم الإقرارات بدقة عالية وبطريقة سهلة وآمنة.

كما سيتم إصدار أدلة استرشادية للمواطنين والشركات، إضافة إلى تنظيم حملات توعية لضمان فهم شامل لكيفية تطبيق الضريبة وتقديمها.

ما الذي يميز التجربة العُمانية؟

ما يميز ضريبة الدخل في عمان هو أنها جاءت مبنية على دراسة واقعية للقدرة الشرائية ومستويات المعيشة، بعيدًا عن الضغط العشوائي على المواطنين، كما أنها تمثل توجهًا جديدًا في دول الخليج التي لطالما اعتمدت على الإيرادات النفطية وضرائب الشركات فقط.

تُعد هذه الخطوة بداية مرحلة جديدة من النضج الاقتصادي والشفافية المالية، وقد تُشكل مثالًا يُحتذى به في المنطقة لاحقًا.