كل ما تحتاج معرفته عن استئناف برنامج رصد سلوك وتحركات أسماك القرش في البحر الأحمر باستخدام الأقمار الصناعية

كل ما تحتاج معرفته عن استئناف برنامج رصد سلوك وتحركات أسماك القرش في البحر الأحمر باستخدام الأقمار الصناعية

استجابة لتوصيات اللجنة العلمية التي تضم مسؤولي وزارة البيئة وخبراء محميات البحر الأحمر، بدأت وزارة البيئة مجددًا أعمال الرصد والمتابعة لسلوك وتحركات أسماك القرش في البحر الأحمر، حيث يقود فريق العمل خبير فرنسي متخصص في هذا المجال، ويضم الفريق أيضًا باحثين من المحميات الطبيعية وأعضاء لجنة الرصد، وذلك لمراقبة سلوك القروش وتحركاتها بهدف تجنب تكرار حوادث الهجوم على البشر.

وأفادت مصادر بيئية أن فريق الرصد يقوده الخبير الفرنسي، بمشاركة باحثين مصريين، في محاولة لفهم أسباب هجمات أسماك القرش المفترسة على الإنسان، ورصد أي تغيرات في سلوكها. يتم تنفيذ البرنامج من خلال تعاون بين وزارة البيئة وجمعية المحافظة على البيئة وغرفة الغوص والأنشطة البحرية، بالإضافة إلى مشروع “الغردقة الخضراء”، حيث يتم الاستعانة بالخبير الفرنسي لتدريب الفريق المصري على تركيب أجهزة رصد تتبع أسماك القرش باستخدام الأقمار الصناعية، مما يسهم في تأهيلهم لتنفيذ البرامج المستقبلية بشكل مستقل.

تركيب أجهزة التتبع على الكائنات البحرية يُعتبر من أهم الوسائل الحديثة للرصد، ويحتوي البحر الأحمر على نحو 29 نوعًا من أسماك القرش، وهي تلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التوازن البيئي، كما أنها تتمتع بقيمة اقتصادية وسياحية كبيرة، كونها تمثل أحد عوامل الجذب للسياحة البيئية. يستهدف البرنامج أنواعًا معينة من القروش، مع توفير التدريب الكافي للباحثين على تركيب وتحليل نتائج التتبع، لتشكيل فريق وطني قادر على تنفيذ البرنامج بشكل مستقل في المستقبل.

وكشف الدكتور محمود حنفي، أستاذ البيئة البحرية والمستشار العلمي لمحافظة البحر الأحمر، أن البرنامج الوطني لرصد وتتبع أسماك القرش يتضمن تركيب أجهزة تتبع مرتبطة بالأقمار الصناعية على عدة أنواع من القروش بعد الحصول على الموافقات الأمنية اللازمة، ويتم تنفيذ هذا البرنامج من خلال شراكة بين باحثي المحميات الطبيعية والإدارة المركزية للتنوع البيولوجي بوزارة البيئة.

يستهدف البرنامج العلمي ثلاثة أنواع من القروش تُعتبر الأكثر خطورة على البشر، وهي “تايجر” (النمر) و”ماكو” و”أوشينك وايت تيب”، وهي الأنواع المسؤولة عن جميع الهجمات المسجلة في مياه مصر، حيث تقدم الأجهزة معلومات دقيقة عن حركة وسلوك الأسماك، إذ يتم تثبيت الجهاز على القرش ثم إطلاقه في البحر، مع تدريب الباحثين على التحليل الميداني والتقني للبيانات.

وأضاف الدكتور حنفي أن البرنامج يشمل تدريبات عملية ميدانية لفريق من الباحثين المصريين الشباب، بهدف رفع كفاءتهم العلمية في استخدام أجهزة الرصد الحديثة وتطوير مهاراتهم في تفسير وتحليل البيانات البيئية، خاصة فيما يتعلق بالكائنات البحرية الكبرى مثل أسماك القرش.

وأوضح أن هذا البرنامج يعكس التزام مصر بتطبيق أفضل الممارسات البيئية العالمية في ظل التحديات التي تواجه الشعاب المرجانية والكائنات البحرية في البحر الأحمر، مشيرًا إلى أن البيانات التي سيتم جمعها ستُستخدم في إعداد خرائط دقيقة للمناطق الحيوية لأسماك القرش وتحديد أهم موائلها الطبيعية، مما يدعم خطط الحماية طويلة الأجل ويعزز السياحة البيئية المستدامة.

يهدف البرنامج إلى التعرف على سلوك الأنواع المستهدفة، وأسباب تغير سلوكها خلال فصول السنة، وتقييم أعداد القروش وتنوع أحجامها، وتحديد معامل الخطورة والإجراءات الاحترازية اللازمة، بالإضافة إلى تحديد جنسها وإجراء الفحص الظاهري لها.

وأشار حنفي إلى أن هذه الإجراءات تستهدف جعل الغوص أكثر أمانًا، من خلال تتبع القروش وتجنب ظهورها بالقرب من الشواطئ والقرى السياحية، مع استمرار جهود التوعية بضرورة الامتناع عن أي ممارسات قد تجتذب القروش أو الأسماك المفترسة الأخرى، مما قد يشكل خطرًا على الغواصين وممارسي السنوركلينج.

يتم تنفيذ البرنامج بواسطة فريق علمي مصري متكامل، يتضمن الدكتور محمود حنفي، والدكتور تامر كمال رئيس الإدارة المركزية للتنوع البيولوجي، والدكتور أحمد غلاب مدير عام محميات البحر الأحمر، بالإضافة إلى باحثي وزارة البيئة ومحميات البحر الأحمر وجمعية “هيبكا”، مع مشاركة ميدانية من البروفيسور الفرنسي إيريك كلوى، أحد أبرز علماء البيئة السلوكية البحرية في العالم.

تشمل مناطق تنفيذ البرنامج شواطئ البحر الأحمر وجزر الأخوين والفستون، ومواقع تواجد القروش في جنوب البحر الأحمر، ويتم تنفيذ البرنامج فعليًا على مدار ستة أيام، عبر صيد الأنواع المستهدفة وتركيب أجهزة التتبع لها ثم إطلاقها مجددًا في البحر، بهدف جمع بيانات دقيقة حول أنماط هجرتها وسلوكها الغذائي وتحركاتها الموسمية، وتفاعلها مع الأنشطة البشرية، تمهيدًا لوضع استراتيجيات فعالة لحماية التنوع البيولوجي وضمان استدامة السياحة البيئية في مصر.