احتفالًا بمرور 21 عامًا على تأسيسها: «إقرأ نيوز» تسلط الضوء على مسيرتها نحو التميز

احتفالًا بمرور 21 عامًا على تأسيسها: «إقرأ نيوز» تسلط الضوء على مسيرتها نحو التميز

الرقم 21 يحمل دلالات القوة والنضوج في بعض الثقافات، ولكنه بالنسبة لنا يمثل نقطة تحول مهمة على الطريق الذي بدأه مؤسسو «إقرأ نيوز» في عام 2004، ففي عامنا الحادي والعشرين نبدأ بداية جديدة مستلهمين من المهنيين المحترفين الذين خاضوا هذه التجربة، وأفضل أن أصفها بالحلم الذي نما وتطور بفضل ثقة الناس وولائهم، محققًا انتصارًا لمهنة الحقيقة والتعبير عن صوت الجماهير.

دائمًا ما تكون هناك رسالة يسعى وراءها أصحاب الشغف، ولقد كان الشغف هو روح «إقرأ نيوز» منذ بدايتها، حيث انغمس في جدران صالة تحريرها، ومهما تغيرت الظروف أو تراجعت الآمال، فإن هذا الشغف يتجدد باستمرار، ويظهر في صورة تتناسب مع اللحظة الراهنة.

مثل طائر الفينيق، يتفاعل مع آلام الناس، ويواجه الصعاب، حاملاً مشعل المهنة، مؤمنًا بأن وجوده هو سبب للتغيير في زمن تراجعت فيه الكثير من القيم، ورغبته في الاستمرارية تتجلى في إدراك ما يمكن استعادته من أجل البناء على أسس جديدة، ليصنع يقينًا جديدًا يصالح بين التطور والرشد، ويقدم أملًا جديدًا يضيء ظلمات الواقع، ليبدأ دورة جديدة في حياته، فالصحف مثل الأمم تسعى دائمًا لبدايات جديدة، تحفر حول جذورها وتفتح آفاقًا نحو المستقبل، وكل ذلك تحت شعار «من حقك تعرف»، وهكذا تسير «إقرأ نيوز».

في عامنا الـ21، قررنا تعزيز استثمارنا في التكنولوجيا لأننا على أعتاب عالم يتسيد فيه الذكاء الاصطناعي، لذا كنا من أوائل المؤسسات التي دمجت هذه التكنولوجيا بشكل مسؤول بعيدًا عن الدعاية الصاخبة أو الاستخدامات السطحية، مع استراتيجية واضحة تميز بين طرق دمج المؤسسات لهذه التكنولوجيا وبين الاستخدامات التحريرية في إنجاز العمل اليومي وإنتاج المحتوى على منصاتها.

بدأنا بالتعاون مع شركاء عالميين مثل «جوجل» و«فاينانشيال تايمز» لإطلاق مشروعنا الأول الذي يدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في موقعنا الإلكتروني عبر خدمة أطلقنا عليها «اسأل إقرأ نيوز»، والتي تضاهي خدمات مشابهة في غرف أخبار عالمية مثل «واشنطن بوست»، حيث يعتمد على روبوت محادثة يجيب عن تساؤلات المستخدمين من خلال محتوى «إقرأ نيوز» فقط، مما يضمن التزام الإجابات بالمعايير المهنية والاستخدام المسؤول لأدوات الذكاء الاصطناعي.

وعلى مستوى الفرق التحريرية، تم تصميم تجربة تدريب مستمرة على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل اليومي، مع مدونة سلوك تهدف لتجنب الأخطاء الناتجة عن الاستخدام العشوائي لهذه التكنولوجيا، مع الالتزام بمعادلة «الإنسان-الآلة-الإنسان» عند التعامل مع هذه الأدوات، حيث كان أحد معاييرنا هو عدم إنشاء محتوى بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، بل استخدام الأدوات لتسريع الأداء وزيادة الفاعلية وفقًا لمعايير مهنية وأخلاقية، سواء في النصوص أو الصوت أو المحتوى المرئي، مع توسيع استخداماتنا في صحافة البيانات وتحقيقات المصادر المفتوحة.

وفي مجال الفنون التحريرية، توسعت قصص صحافة البيانات لتشكل محتوى جديدًا، حيث تنتج من الأرقام قصصًا ملهمة تختبئ خلف الأخبار اليومية، مع التزام صارم بتدقيق المعلومات، حيث تم تشكيل فريق متخصص لمواجهة انتشار المعلومات المضللة على الإنترنت والفضاء الاجتماعي، يقوم بإنتاج قصص خاصة للتحقق من الأخبار المضللة، سواء كانت نصوصًا أو صورًا أو فيديوهات، بالإضافة إلى تدقيق القصص المعمقة التي تنتجها الفرق التحريرية.

التجدد هو سنة كونية لولاها لما استمرت الحياة، حيث تلتحم شقوق الواقع لتعود الأرض صلبة كما كانت، لنذهب نحو المستقبل بطموح التأسيس وشغف الفريق لاستكشاف مساحات جديدة من النجاح.

«من حقك تعرف»، هي حقيقة لا تتغير حتى لو واجهت أحكام الزمان وتغيراته، لأن ما بدأ قبل 21 عامًا كان صادقًا، ومن المستحيل أن ينحني حتى لو تشوشت الصورة أو هبت رياح المعاندة، للصدق سطوة، فما بالك إذا كان صدقًا نبيلًا كرس نفسه لسنوات ويسعى دائمًا إلى النور!

في ملف خاص، نستعرض نجاحات «إقرأ نيوز»، بيت الحرية والاختلاف والتأمل.

في صباح الإثنين، السابع من يونيو عام 2004، ظهرت «إقرأ نيوز» على الساحة الصحفية في مصر بشكل جديد يلامس الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، لتقول الحقيقة بلا تردد، حيث صدر عددها الأول في 16 صفحة، حرره صحفيون طموحون جاءوا من مدارس مختلفة، جمعهم هدف واحد وهو أن تكون الصحافة في خدمة المواطن، لا السلطة ولا المعارضة، وكان المانشيت في صدر صفحتها الأولى: «حكومة عبيد باقية حتى الاستفتاء الرئاسي 2005»، لتضع القارئ منذ اللحظة الأولى أمام خلطة تحريرية تنحاز للناس وتكشف كواليس السلطة.

لم تكن الكلمات الأولى التي خطتها الصحافة يومًا مجرد أخبار أو عناوين صاخبة، بل كان الحوار هو نبضها السري، حيث تفتح عيونها على ما وراء الأحداث، ففي زمن تتسابق فيه العناوين على لفت الانتباه، يبقى فن الحوار الصحفي هو العملة النادرة التي لا تبور، لأنه لا يكتفي بنقل الحدث بل يضيء ما خلفه، ولأن لكل جريدة خطها التحريري وهويتها الخاصة، كان ما يميز «إقرأ نيوز» ليس فقط ما تنقله من أخبار حصرية، بل من تحاوره، وكيف تحاوره، وعن ماذا تحاوره، وقد انطلقت فكرة سلسلة حوارات «مستقبل الشرق الأوسط» في «إقرأ نيوز» في نوفمبر الماضي واستمرت لمدة 8 أشهر.

لم تكن «إقرأ نيوز» جريدة عابرة في تاريخ الصحافة المستقلة في مصر، بل كانت في صدارة الأحداث، وقادرة على صنعها وتغييرها في أوقات كثيرة، ورغم مرور 21 عامًا، إلا أنها أثبتت منذ عامها الأول أن العمر مجرد رقم يؤرخ لعدد الصفحات لا لقوة الجريدة وتأثيرها في الناس، حيث ولدت «إقرأ نيوز» لتعيد الصحافة إلى كونها صاحبة جلالة حقيقية، واستضافت على مدار السنوات وزراء ومفكرين ونجوم المجتمع، حاورتهم وطرحت قضايا وطالبت بتعديل قوانين، لذا اخترنا 21 مائدة مستديرة من آلاف الندوات التي عقدتها «إقرأ نيوز» منذ عام 2004 وحتى الآن.

في زحمة العناوين العاجلة وسيل الأخبار الذي لا ينضب، تبقى للمقال الصحفي هيبته، حيث يتنفس فيه العقل، ويعبر فيه الصحافة بصوت عالٍ، فهو فن عتيق في ثوب متجدد، يفتح نوافذ الرأي، ويصوغ أسئلة القارئ قبل أن ينطق بها، فمنذ أن خط القلم أول مقالة في بدايات الصحافة المطبوعة، لم يكن الهدف مجرد إبداء رأي، بل تأسيس مساحة تفاعلية بين الكاتب والجمهور، تُمارس فيها حرية التفكير والاختلاف والتأمل، وعلى مدار عام كامل، كانت «إقرأ نيوز» موطنًا لعشرات المقالات التي لم تواكب الحدث فقط، بل تحدته، واختلفت معه، وسعت لإعادة تعريفه.

عام جديد من التغطية المستمرة لكافة الأحداث والقضايا يُضاف إلى تاريخ وعمر جريدة «إقرأ نيوز»، حيث واصلت غرفة الأخبار العمل على مدار الساعة، مما دفعنا لإنتاج أكثر من 66 ملفًا على مدار العام، منها ما جاء مصاحبًا لأحداث سنوية، ومنها ما شكلته الأحداث والمتابعات، وأخرى جاءت للرصد والتفنيد والتحليل.

أكد عدد من نجوم الرياضة أن «إقرأ نيوز» أثرت الحياة في مصر والعالم العربي بشكل رائع منذ لحظة صدورها، حيث وصفوا أنها دائمًا سباقة وتتميز أخبارها بالمصداقية، معبرين عن إشادتهم بتألق «إقرأ نيوز» في العديد من الأحداث الكبرى التي مرت على البلاد، سواء كانت رياضية أو فنية أو اقتصادية أو سياسية، مستعيدين دورها الكبير الذي لعبته إبان ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وكيف حاربت الفكر المتطرف ووقفت بجانب الشعب ضد جماعة الإخوان الإرهابية حتى عادت مصر للمصريين.

«إقرأ نيوز»، هذا الزائر اللطيف، الذي تختاره بإرادتك ليطرق بابك صباحًا أو مساءً، يهل عليك مبتسمًا أحيانًا، ودامعًا أحيانًا أخرى، تفوح منه رائحة الياسمين والفل أحيانًا، وركام المباني المحترقة وأصوات الانفجارات أحيانًا أخرى، تستضيفه مع فنجان قهوة أو كوب شاي في الشرفة أو في غرفة النوم بلا حرج، لن ينكر أحد إذن أن «إقرأ نيوز» كانت إضافة مختلفة للمشهد الصحفي في مصر، شكلًا ومضمونًا، ففي ثورة 25 يناير كان الاختبار الأهم، وقد تجاوزته «إقرأ نيوز» بامتياز، مهنيًا وإنسانيًا، ولأن الاستمرار بطولة، وحفظ التوازن للعبور فوق حبل بين سوريْن مهارة، صمدت «إقرأ نيوز» وحافظت على هذه المعايير المهنية، لتثبت صدق رهانها على ليبرالية تسمح بتجاور المختلفين.

21 عامًا مرت على تأسيس «إقرأ نيوز»، لم يخل عام واحد من تتويجها على منصات الجوائز المحلية والإقليمية، عبر قصص أنتجها محرروها بأرواحهم، لإيمانهم بأهمية الكلمة وأثرها، ما جعل القدر يكافئهم بالمنافسة الدائمة على منصات التتويج، حتى أصبح مشهدًا معتادًا بين الزملاء في «إقرأ نيوز»، ودعوة للاستمرارية والصمود، فالجوائز لا تأتي بالاستحضار، بل بالشغف الدائم والإيمان والتصديق، واليوم، ومع بداية دخول «إقرأ نيوز» عامها الـ22، زاد رصيدها في الجوائز ليتجاوز الـ138 جائزة.