
أثارت بطولة كأس العالم للأندية 2025 التي تُقام في الولايات المتحدة الأمريكية جدلًا كبيرًا في الأوساط الرياضية والإعلامية، خاصة بعد سلسلة من الإخفاقات المرتبطة بسوء الأحوال الجوية، والتي أدت إلى إيقاف العديد من المباريات وتأخير مواجهات هامة، مما أثار تساؤلات حول استعداد البلاد لاستضافة كأس العالم للمنتخبات في 2026.
من المقرر أن تُنظم بطولة كأس العالم 2026 للمنتخبات بشكل مشترك بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وقد سلطت الصحافة العالمية الضوء على توقف عدة مباريات نتيجة العواصف الرعدية والحرارة الشديدة، ومن أبرز تلك المباريات كانت مباراة الأهلي المصري مع بالميراس البرازيلي، التي توقفت لأكثر من 40 دقيقة بسبب تحذيرات الطقس، وكذلك لقاء بنفيكا وأوكلاند سيتي، الذي تأجلت نهايته لنحو ساعتين بسبب ظروف مشابهة في فلوريدا، وأخيرًا مواجهة تشيلسي وبنفيكا التي استمرت لما يقرب من خمس ساعات، مما أثار تساؤلات حول قدرة أمريكا على استضافة النسخة الموسعة لكأس العالم للمنتخبات في 2026.
في هذا السياق، وصفت وكالة «رويترز» درجات الحرارة المرتفعة التي تجاوزت 40 درجة مئوية في بعض المدن بأنها تهديد مباشر على صحة اللاعبين، مما أثار مخاوف الاتحادات المحلية للأندية المشاركة بشأن ظروف اللعب في الملاعب المفتوحة وسط هذه الأجواء، بينما نقلت صحيفة «تيلجراف» تصريحات إنزو ماريسكا، المدير الفني لفريق تشيلسي، الذي اعتبر تأخير مباراة تشيلسي ضد بنفيكا في كأس العالم للأندية «مزحة»، مشيرًا إلى أن استمرار تأجيل المباريات بسبب تحذيرات الطقس السيئ يجعل الولايات المتحدة «ليست المكان المناسب لإقامة هذه البطولة».
واصل ماريسكا انتقاداته، قائلًا: «البطولة تُقام في المكان الخطأ، إنها بطولة رائعة.. إنها كأس العالم للأندية.. إنها قمة.. نحن سعداء بتأهلنا إلى دور الثمانية، ولكن هناك شيئًا غير طبيعي يحدث، ست أو سبع مباريات متوقفة.. ليس من الطبيعي إيقاف مباراة، في كأس العالم للرجال كم عدد المباريات المتوقفة؟ صفر، على الأرجح. في أوروبا، كم عدد المباريات؟ صفر».
نشرت وكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ» تقريرًا مطولًا حول أبرز سلبيات تنظيم البطولة، حيث أكدت أنها مليئة بالتناقضات بعد أكثر من أسبوعين من انطلاق النسخة المجددة للمونديال بمشاركة 32 فريقًا، إذ تبدو النتائج الأولية متباينة في البلد الذي سيستضيف كأس العالم للمنتخبات العام المقبل، بالاشتراك مع كندا والمكسيك، وأشارت الوكالة إلى أن الطقس لعب دورًا كبيرًا في البطولة، حيث كان لدرجات الحرارة المرتفعة في منتصف النهار تأثير واضح على المباريات التي تقام في هذا التوقيت.
استعرضت الوكالة مشهد جلوس بدلاء فريق بوروسيا دورتموند في غرف ملابسهم المكيفة خلال مباراة صن داونز، بدلًا من الجلوس على مقاعد البدلاء تحت أشعة الشمس، كما صرح ماركوس يورينتي، لاعب أتلتيكو مدريد الإسباني، أن الجو كان «حارًا للغاية.. كانت أصابع قدمي تؤلمني، وأظافري تؤلمني، إنه أمر لا يُصدق»، وذلك بعد الهزيمة من باريس سان جيرمان الفرنسي في درجة حرارة 32 درجة مئوية.
أكد التقرير أن ليست الحرارة وحدها هي المشكلة، فقد شهدت العديد من المباريات توقفًا طويلًا بسبب العواصف الفعلية أو الوشيكة، إذ تأخر انطلاق الشوط الثاني من مباراة بنفيكا ضد أوكلاند سيتي لأكثر من ساعتين بسبب الأمطار الغزيرة والعواصف في أورلاندو، بينما تأخر انطلاق مباراة صن داونز أمام أولسان في المدينة نفسها لأكثر من ساعة، كما شهدت مباراة بالميراس البرازيلي أمام الأهلي في نيوجيرسي توقفًا لمدة 40 دقيقة، وتوقفت مباراة ريد بول سالزبورج النمساوي ضد باتشوكا المكسيكي في سينسيناتي لمدة 90 دقيقة بسبب تحذيرات من سوء الأحوال الجوية.
كانت صحيفة «ذا ميرور» قد انتقدت التوقيت الصيفي لإقامة البطولة رغم تحذيرات الطقس، مطالبة بتوفير ملاعب مجهزة بالكامل للتعامل مع الظروف القاسية قبل مونديال 2026، وفي السياق ذاته، انتقد المدرب يورجن كلوب، المدير الفني السابق لفريق ليفربول، فكرة تنظيم البطولة في هذا التوقيت من العام، مؤكدًا خلال حواره مع صحيفة «فيلت ام سونتاج» الألمانية أن كأس العالم للأندية هي «أسوأ فكرة تم تطبيقها» مؤخرًا، مشيرًا إلى أن مسؤولي فيفا ليس لديهم علاقة بالواقع اليومي لكرة القدم، مما يجعلهم غير مؤهلين لاتخاذ قرارات تنظيم البطولات.
أضاف كلوب أن التوسع في عدد الفرق والتوقيت الصيفي للبطولة يزيدان الضغط على اللاعبين، مما قد يؤدي إلى إصابات غير مسبوقة في تاريخ كرة القدم، وأشارت التقارير إلى أن الأزمات التنظيمية التي شهدتها النسخة الأولى من البطولة في شكلها الجديد، كشفت عن فجوة واضحة في مستوى الاستعدادات بين الولايات المتحدة وقطر، التي نظمت كأس العالم 2022 باحترافية عالية رغم التحديات المناخية.
جهزت قطر ملاعبها بتقنيات تكييف متطورة، مما وفر أجواء مثالية للاعبين والجماهير رغم درجات الحرارة العالية في المنطقة العربية، ولم تشهد نسخة كأس العالم في قطر أي توقف للمباريات بسبب الطقس أو أي ارتباك في جدول المباريات، مما أكسبها إشادة دولية واسعة بوصفها واحدة من أنجح نسخ بطولة كأس العالم في التاريخ.