
أصدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بيانًا اليوم الإثنين، دعت فيه إلى تضامن دولي عاجل، حيث تجاوز عدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين لدى المفوضية في مصر مليون شخص، مما يمثل علامة فارقة في جهود الإغاثة.
يعود هذا الارتفاع الملحوظ إلى فرار اللاجئين السودانيين من النزاع الذي اندلع في السودان في أبريل 2023، والذي أدى إلى أكبر أزمة نزوح في العالم، ورغم الزيادة الكبيرة في الاحتياجات الإنسانية، فقد انخفض التمويل المخصص للفرد إلى ربع مستوياته السابقة، وهو ما كان غير كافٍ أصلاً، مما دفع المفوضية لتقليص المساعدات الأساسية لآلاف الأشخاص الذين يحتاجون للدعم.
تعتبر مصر الآن أكبر دولة تستضيف اللاجئين السودانيين، حيث استقبلت أكثر من 1.5 مليون سوداني منذ بداية النزاع، وفقًا للأرقام الرسمية من الحكومة، ويشكل اللاجئون السودانيون حوالي 73% من إجمالي اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين لدى المفوضية في مصر، مما يعكس حجم أزمة النزوح في السودان ومدى تضامن مصر في توفير ملاذ آمن لهم.
أشارت الدكتورة حنان حمدان، ممثلة المفوضية لدى جمهورية مصر العربية ولدى جامعة الدول العربية، إلى أن “بلوغ المليون لاجئ ليس مجرد رقم، بل يعكس معاناة آلاف العائلات التي أُجبرت على الفرار، وأطفالًا فقدوا ذويهم، ومنازل دُمرت، وفرص تلاشت، كما يعكس أيضًا شجاعة اللاجئين في إعادة بناء حياتهم وكرم مصر في توفير الأمان والتضامن، ومع ذلك، لا يمكن اعتبار ذلك أمرًا مسلمًا به، فاحتياجات اللاجئين تتزايد يومًا بعد يوم، وعلينا أن نتحرك قبل أن تتحول هذه الأزمة إلى واحدة من الأزمات المنسية، لذا نناشد الدول المانحة والمنظمات الإنسانية والقطاع الخاص لتعزيز دعمهم وضمان قدرة اللاجئين على إعادة بناء حياتهم بكرامة وأمل.
على الرغم من التضامن الذي تقدمه المجتمعات المضيفة في مصر والجهود المستمرة من المنظمات الإنسانية، إلا أن المفوضية تعمل حاليًا بتمويل لا يتجاوز 29% من المطلوب، مما يترك فجوة تمويلية تقدر بـ 97 مليون دولار أمريكي، وقد أثر هذا العجز بشكل كبير على قدرة المفوضية في الاستجابة لمتطلبات الفئات الأكثر حاجة في ظل استمرار نقص الموارد.
نتيجة لذلك، فقد العديد من اللاجئين المساعدات النقدية الشهرية التي يعتمدون عليها لتأمين احتياجاتهم الأساسية، مما دفع الكثيرين إلى حافة الفقر المدقع، كما تقلصت فرص الحصول على الرعاية الصحية، ويواجه ما يصل إلى 50,000 طفل خطر التسرب من التعليم، بالإضافة إلى تقليص خدمات الحماية مما يجعل الفئات الأكثر ضعفًا عرضة لمزيد من المخاطر.
في خضم هذه الأزمة، اتخذت مصر خطوة هامة بسن قانون جديد للجوء، مما يمثل تحولًا محوريًا من نظام تديره المفوضية إلى نظام وطني تديره الدولة، وبناءً على طلب وزارة الخارجية المصرية، وضعت المفوضية خطة انتقالية لمدة خمس سنوات لدعم إنشاء نظام لجوء وطني يتماشى مع المعايير الدولية، إلا أن نجاح هذا الانتقال يعتمد بشكل كبير على توفير الدعم المالي والفني من المجتمع الدولي.
وأكدت المفوضية في بيانها التزامها الكامل بالعمل جنبًا إلى جنب مع الحكومة المصرية والجهات المانحة الدولية والمنظمات المحلية للاستجابة لهذه الأزمة غير المسبوقة، حيث أصبح التضامن الدولي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، ليس فقط لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة، بل لتعزيز قدرة مصر على الاستمرار في هذا الدور الإنساني بشكل مستدام.