
أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، إلى أن مصر، التي لطالما كانت داعمة للسلام، تؤمن بأن السلام لا يمكن أن يُحقق من خلال القصف أو القوة، ولا يمكن فرضه عبر تطبيع ترفضه الشعوب، فالسلام الحقيقي يبنى على أسس العدل والإنصاف والتفاهم.
وفي كلمته بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لثورة الثلاثين من يونيو، التي توافق اليوم الاثنين، أوضح الرئيس أن قوة مصر لا تكمن فقط في سلاحها، بل في وعي شعبها وتماسك صفوفهم، ورفضهم لكل دعوات الإحباط والفرقة والكراهية، وجاء نص كلمته كما يلي:
«بسم الله الرحمن الرحيم.
إلى الشعب المصري العظيم،.
نحتفل اليوم بذكرى ثورة الثلاثين من يونيو، تلك الثورة الخالدة التي سطّرها أبناء مصر، حيث توحدت فيها الإرادة، وعلت منها كلمة الشعب، وقررت الجماهير استعادة مصر وهويتها وتاريخها ومصيرها، لتقف في وجه الإرهاب والمؤامرات، وتكسر موجات الفوضى، وتُحبط محاولات الابتزاز والاختطاف، وتعيد الدولة إلى مسارها الصحيح.
لقد كانت ثورة الثلاثين من يونيو نقطة انطلاق نحو الجمهورية الجديدة، ومنذ عام ٢٠١٣، تكتب مصر تاريخًا جديدًا، ليس بالأقوال، بل بالأفعال، وليس بالشعارات، بل بالمشروعات، ورغم صعوبة الطريق، فقد واجهنا الإرهاب بدماء الشهداء وبسالة الرجال، حتى تم دحره بإذن الله، وتصدينا للتحديات الداخلية والخارجية، ومضينا في طريق التنمية الشاملة وبناء مصر الحديثة بسواعد أبنائها الشرفاء، حيث أسسنا بنية تحتية مُعتبرة، وها نحن اليوم نشيد ونُعمِّر ونُحدّث ونطور، ونقيم على أرض هذا الوطن صروحًا من الإنجازات، تبعث على الأمل، وتتمسك بالفرصة لحياة أفضل.
شعب مصر الكريم،.
أخاطبكم اليوم والمنطقة بأسرها تعاني تحت نيران الحروب، من أصوات الضحايا التي تعلو من غزة المنكوبة، إلى الصراعات في السودان وليبيا وسوريا واليمن والصومال. ومن منبر المسؤولية التاريخية، أُناشد أطراف النزاع والمجتمع الدولي بضرورة اتخاذ كل ما يلزم، والاحتكام لصوت الحكمة والعقل، لتجنيب شعوب المنطقة ويلات التخريب والدمار. إن مصر، التي تدعم دائمًا السلام، تؤمن بأن السلام لا يولد بالقصف، ولا يُفرض بالقوة، ولا يتحقق بتطبيع ترفضه الشعوب، فالسلام الحقيقي يبنى على أسس العدل والإنصاف والتفاهم. إن استمرار الحرب والاحتلال لن يُنتج سلامًا، بل يغذي دوامة الكراهية والعنف، ويفتح أبواب الانتقام والمقاومة التي لن تُغلق، لذا يجب أن نتوقف عن العنف والقتل والكراهية، وكفى احتلالًا وتهجيرًا وتشريدًا. إن السلام، وإن بدا صعب المنال، ليس مستحيلاً، فقد كان دائمًا خيار الحكماء، ولنستلهم من تجربة السلام المصري الإسرائيلي في السبعينيات التي تمت بوساطة أمريكية، برهانًا على أن السلام ممكن إن خلُصت النوايا. إن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية. أبناء الوطن الأوفياء، أنتم السند الحقيقي، والدرع الحامي، والقلب النابض لهذا الوطن. قوة مصر ليست في سلاحها وحده، بل في وعيكم وتماسك صفوفكم، وفي رفضكم لكل دعوات الإحباط والفرقة والكراهية. نعم، الأعباء ثقيلة، والتحديات جسيمة، لكننا لا ننحني إلا لله سبحانه وتعالى، ولن نحيد عن طموحاتنا في وطن كريم. أشعر بكم وأؤكد لكم أن تخفيف الأعباء عن كاهلكم هو أولوية قصوى للدولة، خاصةً في ظل هذه الأوضاع الملتهبة المحيطة بنا.
وفي ختام كلمتي، أرسل تحية إجلال ووفاء إلى أرواح شهدائنا الأبرار، الذين سقوا بدمائهم الزكية تراب هذا الوطن، فأنبتت عزًا وكرامة. وأقبل جبين كل أم وأب وزوجة وطفل فقدوا من أحبوا ليحيا هذا الوطن مرفوع الرأس. كما أتوجه بالتحية والتقدير إلى قواتنا المسلحة الباسلة، حماة الأرض والعِرض، درع الوطن وسيفه، وإلى أعضاء هيئة الشرطة المدنية الأوفياء، الذين يواصلون دورهم في حفظ أمن الجبهة الداخلية، وإلى كل أجهزة الدولة التي تواصل الليل بالنهار في خدمة أبناء هذا الشعب العظيم. هذه هي مصر الشامخة أمام التحديات، مصر التي تبنى بإرادة شعبها، وتحيا بإخلاص أبنائها. وباسمكم جميعًا، أقول وأكرر، وبالله تحيا مصر… تحيا مصر… تحيا مصر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».