هل تواجه مصر خطر تسونامي؟ 3 خبراء يكشفون عن الحقائق العلمية وراء الظواهر المناخية في البحر المتوسط

هل تواجه مصر خطر تسونامي؟ 3 خبراء يكشفون عن الحقائق العلمية وراء الظواهر المناخية في البحر المتوسط

أثارت مجموعة من المنشورات والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي حول احتمالية حدوث تسونامي لغطًا كبيرًا بين المواطنين، مما جعل البعض يشعر بالقلق من أنشطة بحرية قد تتجاوز المعدلات الطبيعية خلال فصل الصيف، وقد نفى عدد من الأساتذة والخبراء المتخصصين هذه الأنباء مؤكدين أنها مبالغ فيها ولا تستند إلى أي أساس علمي، وفي هذا التقرير نستعرض آراء ثلاثة خبراء حول التغيرات المناخية والبحرية في مصر.

«قطب»: حدوث تسونامي أمر صعب جدًا وغير وارد الحدوث في مصر خلال فصل الصيف

في هذا السياق، قال الدكتور علي قطب، أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق، ردًا على تلك التحذيرات، إن الحديث عن احتمالية حدوث تسونامي يهدد السواحل المصرية خلال فصل الصيف هو أمر «مبالغ فيه» ولا يعتمد على أسس علمية دقيقة، وأكد في تصريحات خاصة لـ«إقرأ نيوز» أنه ما يتم تداوله حول تعرض مصر لتسونامي هو أمر غير دقيق علميًا، موضحًا أن التسونامي يعني ارتفاعًا شديدًا في الأمواج واضطرابًا كبيرًا في حركة الملاحة البحرية، وهو أمر لا يحدث على السواحل المصرية في فصل الصيف.

وأشار «قطب» إلى أن فصل الصيف في مصر، الذي يبدأ في 21 يونيو ويستمر حتى 21 سبتمبر، يتأثر بما يعرف بـ«منخفض الهند الموسمي»، وهو منخفض يسبب ارتفاعًا في درجات الحرارة وهدوءًا نسبيًا في سرعة الرياح، ولا يرتبط باضطرابات جوية تؤدي إلى ارتفاع كبير في الأمواج، وأضاف: «ارتفاعات الأمواج قد تحدث لأسباب أخرى، مثل مرور منخفض جوي، لكن هذا النوع من المنخفضات لا يحدث في الصيف، بل في فصول أخرى مثل الربيع أو الخريف أو الشتاء، وتحديدًا في فصل الشتاء يكون تأثيره أكبر، بينما حدوثه خلال الصيف يعد أمرًا غير طبيعي».

وتابع «قطب» أن هناك سببين آخرين قد يؤديان إلى اضطراب الأمواج، الأول هو عمليات المد والجزر، وهي ظاهرة طبيعية تعتمد على التجاذب بين الأرض والقمر، وتبلغ ذروتها في أيام 13 و14 و15 من الشهر العربي، لكن تأثيرها محدود وارتفاعاتها شبه ثابتة، أما السبب الثاني فيتعلق بحدوث أمر غير طبيعي في أعماق البحر المتوسط، مثل التجارب النووية أو اضطرابات ناتجة عن الحروب، مشيرًا إلى أن «ارتفاع درجات حرارة سطح المياه في منطقة معينة نتيجة تأثير الذخائر أو الأنشطة الحربية قد يؤدي إلى تباين في درجات الحرارة بين المناطق، مما يسبب فروقات في الضغط وسرعة الرياح، وبالتالي تنتج تيارات بحرية تؤدي إلى اضطرابات نسبية في الأمواج».

وشدد الدكتور قطب على أن حدوث تسونامي بالمعنى العلمي الدقيق، أي أن تتجاوز سرعة الموج 30 عقدة في البحر، هو أمر صعب جدًا وغير وارد الحدوث في مصر خلال فصل الصيف، وفيما يتعلق بالتحذيرات المتداولة بعدم نزول المواطنين إلى الشواطئ، قال: «أحيانًا تصدر تحذيرات بسبب ارتفاع نسبي في الأمواج، لكن لا نعلم حدودها بدقة، خاصة في ظل وجود مشكلات حدودية بين مصر وبعض الدول المجاورة مثل ليبيا أو فلسطين، وقد تؤدي بعض التجارب أو الأنشطة في تلك المناطق إلى ارتفاع نسبي في الأمواج».

وتابع: «لا توجد أي اضطرابات في عمود الهواء في طبقات الجو العليا أو على سطح الأرض في مصر حاليًا، والأجواء مستقرة تمامًا، ومن المعروف استمرار ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة النسبية طوال شهر يوليو».

وأوضح أستاذ المناخ أن «جنوب مصر قد يشهد أمطارًا موسمية نتيجة لزحف الكتلة الهوائية المدارية من شمال السودان إلى جنوب مصر، مما قد يؤدي بدوره إلى ارتفاع نسبي في الموج في البحر الأحمر، خاصة في مناطق مثل مرسى علم والمناطق الشمالية حتى الغردقة».

«حمودة»: وجود علاقة بين تحليق طائرات بحرية وتغيرات في النشاط الأرضي أو المناخي يفتقر إلى الأساس العلمي

من جهته، أكد الدكتور عمرو زكريا حمودة، رئيس لجنة الخبراء بموجات تسونامي والحد من المخاطر البحرية على مستوى العالم، ورئيس المعهد القومي للبحار السابق، أن ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول وجود نشاط جيولوجي أو تكتوني في البحر المتوسط نتيجة تحركات طائرات بحرية أو تغيّرات في الضغط الجوي، لا يمت للواقع العلمي بصلة، موضحًا في تصريحات لـ«إقرأ نيوز» أن اللجنة الدولية للخبراء في موجات المد البحري والحد من المخاطر البحرية لم تسجل أي مؤشرات أو إشارات تدل على وجود نشاط زلزالي أو تكتوني في البحر المتوسط خلال الفترة الأخيرة، كما أن الشبكة الدولية لرصد الزلازل لم تُصدر أي بيانات تدعم مثل هذه الادعاءات.

وشدد على أن الحديث عن وجود علاقة بين تحليق طائرات بحرية وتغيرات في النشاط الأرضي أو المناخي، يفتقر إلى الأساس العلمي، مؤكدًا أن تغير الضغط الجوي ليس له أي تأثير مباشر على الأنشطة الزلزالية أو التكتونية، وأن الربط بين الأمرين يعكس فهمًا غير متخصص، وتابع أن مثل هذه الشائعات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي لا تستند إلى أي مصادر علمية موثوقة، داعيًا وسائل الإعلام والجمهور إلى التحقق من المعلومات من الجهات العلمية الرسمية المختصة قبل تداولها.

«شراقي»: الأجواء في حوض البحر المتوسط مستقرة

من جانبه، نفى الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، صحة ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن احتمال حدوث تسونامي في البحر المتوسط نتيجة تدخل بشري، مؤكدًا أن تلك الادعاءات لا تستند إلى أي أساس علمي، وأن الأوضاع الجوية والجيولوجية في المنطقة تسير بشكل طبيعي، وقال في تصريحات خاصة لـ«إقرأ نيوز» إن الأجواء في حوض البحر المتوسط مستقرة، مشيرًا إلى أن هناك فقط توقعات بارتفاع متوسط في الأمواج يومي الأربعاء والخميس، وهو أمر طبيعي في هذا الوقت من العام ولا يعد مؤشرًا على كارثة أو نشاط غير معتاد.

وأوضح أستاذ الجيولوجيا أن ظاهرة التسونامي في منطقة البحر المتوسط لا تحدث إلا نتيجة زلازل قوية تتجاوز قوتها 6.5 درجة على مقياس ريختر، بشرط أن يكون مركز الزلزال داخل قاع البحر وعلى عمق قريب من السطح، وأن يكون ناتجًا عن انزلاق كتل أرضية كبيرة، وهو ما لم ترصده الأجهزة أو الشبكات الزلزالية حتى الآن، وأكد أنه لكي يحدث تسونامي بفعل الإنسان لابد أن يكون عبر التفجيرات النووية، إذ يتطلب الأمر تفجير نحو 30 قنبلة نووية بحجم قنبلة هيروشيما، أي ما يعادل مليوني طن من المتفجرات.

يشار إلى أن البحر الأبيض المتوسط سجل أمس الإثنين أعلى حرارة سطحية على الإطلاق خلال شهر يونيو، بمتوسط 26.01 درجة مئوية، وفقًا لبيانات جمعها برنامج «كوبرنيكوس» الأوروبي وحللتها هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية، وقال تيبو غينالدو، الباحث في مركز دراسات الأرصاد الجوية عبر الأقمار الصناعية في لانيون كوت دارمور «لم نسجّل من قبل درجة حرارة يومية بهذا الارتفاع في شهر يونيو، محسوبة على كامل حوض البحر الأبيض المتوسط»، بحسب «فرانس برس»، وأضاف أن متوسط درجة حرارة حاليًا أعلى بثلاث درجات من الأرقام الموسمية المسجلة في الفترة بين 1991-2020، فيما يتجاوز ذلك أربع درجات حول السواحل الفرنسية والإسبانية.