قانون الإيجار القديم أمام التنفيذ.. مجلس النواب يُعيد التوازن بين المالك والمستأجر بخريطة زمنية واضحة وحلول بديلة

شهد مجلس النواب اليوم لحظة فارقة في تاريخ التشريعات السكنية، حيث أُقر بشكل نهائي القانون المنتظر المتعلق بتنظيم الإيجار القديم، وهو القانون الذي ظل مثار جدل واسع لسنوات طويلة، ويأتي هذا التحرك التشريعي في إطار سعي الدولة لتحقيق التوازن بين حقوق المؤجر والمستأجر، وإنهاء حالة الجمود القانوني التي حكمت العلاقة بين الطرفين لعقود مضت، دون النظر إلى متغيرات الواقع العقاري والاقتصادي.
القانون يشمل وحدات سكنية وتجارية
بموجب القانون الجديد، تخضع للوائح التنظيمية الجديدة جميع الوحدات المؤجرة للسكن، إلى جانب الأماكن المؤجرة لغير غرض السكن مثل المحلات والمكاتب، شرط أن تكون مملوكة لأشخاص طبيعيين، حيث تم إدراج هذه الحالات تحت مظلة تعديل القوانين القديمة المنظمة للإيجار منذ السبعينيات والثمانينيات، لتبدأ مرحلة إعادة ضبط للعلاقة بين المالك والمستأجر بما يتوافق مع ظروف العصر.
مدة انتقالية لإنهاء التعاقدات القديمة
من أبرز ما تضمنه القانون، منح فترة انتقالية قبل إنهاء عقود الإيجار القديمة، حيث حُددت المدة بسبع سنوات للوحدات السكنية، وخمس سنوات للوحدات غير السكنية، تبدأ من تاريخ سريان القانون الجديد، وهو ما يتيح لكلا الطرفين إعادة ترتيب أوضاعهم القانونية والاجتماعية، كما يفتح المجال للتفاهمات قبل الوصول إلى نهاية العلاقة الإيجارية.
تصنيف العقارات وفق معايير عمرانية وخدمية
حرص المشرع على إدخال بُعد فني واقتصادي عند تقييم العقارات، وذلك من خلال تشكيل لجان داخل كل محافظة، تتولى تحديد طبيعة المناطق وتصنيفها إلى متميزة، متوسطة، أو اقتصادية، بناءً على عدة عناصر تشمل موقع العقار، جودة البناء، مدى توفر المرافق، شبكة النقل، ومستوى الخدمات العامة، ما يضع أساسًا موضوعيًا لتقدير القيمة الإيجارية العادلة.
أجرة جديدة وعادلة بناء على التصنيف
حددت التعديلات نسبًا جديدة للقيمة الإيجارية، بحيث تُضاعف الأجرة الشهرية بشكل يختلف حسب طبيعة المنطقة، ففي المناطق المتميزة تُحتسب الأجرة بعشرين ضعف القيمة الحالية، وفي المتوسطة بعشرة أضعاف، وفي المناطق الاقتصادية تكون الزيادة محسوبة بنسبة أقل، مع وضع حد أدنى للأجرة يضمن للمالك دخلًا مناسبًا وللمستأجر التزامًا معقولًا لا يفوق قدرته المعيشية.
تنظيم الإيجار للأماكن التجارية والمهنية
لم تغفل التعديلات الأماكن المؤجرة لأغراض غير سكنية، حيث نص القانون على زيادة القيمة الإيجارية لتلك العقارات إلى خمسة أضعاف القيمة السابقة، بدءًا من الشهر التالي لتطبيق القانون، بما يحقق التوازن بين واقع السوق الحالي وما يدفعه المستأجر منذ عقود دون تغيير.
زيادة سنوية ثابتة للحفاظ على القيمة
لحماية حقوق المالك من تآكل العائد الإيجاري بفعل التضخم، نص القانون على زيادة سنوية منتظمة بنسبة 15% من القيمة الجديدة، سواء للوحدات السكنية أو غير السكنية، ما يضمن استدامة العلاقة الإيجارية دون الحاجة إلى تدخلات متكررة، ويخفف من النزاعات بين الطرفين مستقبلًا.
حالات خاصة تؤدي إلى الإخلاء الفوري
نص القانون على حالات محددة يمكن فيها للمؤجر استرداد وحدته المؤجرة دون انتظار نهاية المدة الانتقالية، مثل ترك المستأجر للوحدة مغلقة مدة تتجاوز عامًا كاملًا، أو امتلاكه وحدة بديلة صالحة للسكن أو العمل، ويتيح القانون للمالك التوجه مباشرة إلى المحكمة المختصة لاستصدار أمر بالإخلاء، مع الحفاظ على حقه في طلب التعويض إذا اقتضى الأمر.
الدولة تتدخل لتوفير وحدات بديلة للمستأجرين
في لفتة إنسانية، منح القانون الحق للمستأجرين القدامى في التقدم بطلب للحصول على وحدة بديلة من الوحدات المتاحة لدى الدولة، سواء بالإيجار أو التمليك، وذلك بشرط تقديم إقرار بإخلاء الوحدة القديمة فور التخصيص، وتُمنح الأولوية للفئات الأكثر احتياجًا، والمستأجر الأصلي وأسرته، بما يضمن عدم تشريد أي أسرة بسبب انتهاء التعاقد.
إلغاء القوانين القديمة خلال 7 سنوات
في خطوة حاسمة، حدد التشريع الجديد فترة سبع سنوات لإلغاء القوانين القديمة المنظمة للإيجار، ليصبح القانون الجديد هو المرجعية الوحيدة لتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، بدءًا من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وبذلك تُغلق صفحة طويلة من القوانين الاستثنائية التي لم تعد تناسب الواقع.