
التقى الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، بمجموعة من السفراء الذين تم نقلهم لرئاسة بعثات دبلوماسية مصرية في الخارج، وكان ذلك بحضور السفير بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة.
استعرض وزير الري خلال اللقاء جهود الدولة في تقليل الفجوة بين الموارد والاحتياجات المائية، من خلال تنفيذ مشروعات ضخمة لمعالجة مياه الصرف الزراعي، مثل الدلتا الجديدة، بحر البقر، والمحسمة، بالإضافة إلى تطوير نظم الري والإدارة المائية، وهذه الإجراءات تسهم في ضمان توفير الاحتياجات المائية لكافة المنتفعين، وتحقيق المرونة اللازمة لمواجهة تحديات تغير المناخ.
وأشار سويلم إلى ما تقدمه مصر للأشقاء الأفارقة من مشروعات تهدف إلى تطهير المجاري المائية، وبناء سدود لحصاد مياه الأمطار، وإنشاء آبار شمسية، ومراكز للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه، إلى جانب التدريب والمنح الدراسية التي تقدمها من خلال المركز الإفريقي للمياه والتكيف المناخي، ومعهد بحوث الهيدروليكا، بالإضافة إلى المنح المقدمة للدراسة بالجامعات المصرية.
وأكد وزير الري أن مصر تمتلك خبرات متميزة في إدارة المياه، وتسعى لمشاركتها مع الدول الإفريقية الشقيقة، وخاصة دول حوض النيل التي تتمتع بوفرة مواردها المائية، حيث تصل كمية الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل إلى حوالي 1600 مليار متر مكعب سنوياً، بينما تصل كمية الأمطار في دول حوض النيل الأخرى إلى حوالي 7000 مليار متر مكعب سنوياً، في حين تبلغ حصة مصر المائية 55.5 مليار متر مكعب فقط.
كما عرض سويلم تطورات ملف السد الإثيوبي، ومجرى المفاوضات الثلاثية، وما شابها من نقاط خلاف جوهرية، في ظل ما أبدته مصر من التزام سياسي جاد للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يحقق المصالح المشتركة ويمنع الإضرار بدولتي المصب، وهذه الجهود قوبلت بانعدام الإرادة السياسية من الجانب الإثيوبي.
وأشار وزير الري إلى رفض مصر القاطع لاستمرار سياسة إثيوبيا في فرض الأمر الواقع عبر إجراءات أحادية تتعلق بنهر النيل، باعتباره مورداً مائياً دولياً مشتركاً، وهذا يعد انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، خاصة القواعد المتعلقة بالاستخدامات العادلة والمنصفة للمجاري المائية الدولية، وعدم التسبب في ضرر جسيم.
كما أوضح سويلم أن الجانب الإثيوبي يروج لاكتمال بناء السد غير الشرعي، رغم عدم التوصل إلى اتفاق ملزم مع دولتي المصب، ورغم التحفظات الجوهرية التي أعربت عنها كل من مصر والسودان، وهو ما يعكس نهجاً إثيوبياً يسعى لفرض الهيمنة المائية بدلاً من تبني مبدأ الشراكة والتعاون، وهو ما لن تسمح به الدولة المصرية.
وفي هذا السياق، أشار وزير الري إلى أن ما يصدر عن الجانب الإثيوبي من دعوات متكررة لاستئناف المفاوضات لا يعدو كونه محاولات شكلية تهدف لتحسين الصورة الذهنية لإثيوبيا على الساحة الدولية، وإظهارها بمظهر الطرف الساعي للتفاوض.
إلا أن الواقع العملي، ومسار التفاوض الممتد لأكثر من ثلاثة عشر عاماً دون التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، يبرهن بوضوح على غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي، وافتقار تلك الدعوات للمصداقية والجدية، في ظل غياب أي مؤشر على وجود نية حقيقية لتحويل الأقوال إلى التزامات واضحة وأفعال ملموسة على أرض الواقع.
وأكد سويلم أن المواقف الإثيوبية التي تتسم بالمراوغة والتراجع وتفرض سياسة الأمر الواقع، تتناقض مع ما تُعلنه من رغبة في التفاوض، وهو ما يستوجب من المجتمع الدولي إدراك حقيقته، مشدداً على أن مصر ترفض بشكل قاطع أي محاولات لأن تكون التنمية في إثيوبيا على حساب حقوق دولتي المصب.
وعلى الصعيد الدولي، استعرض سيادته الجهود المصرية لرفع مكانة المياه على أجندة العمل المناخي، خاصة من خلال مبادرة AWARe، التي أطلقتها مصر لدعم الدول النامية وتوفير التمويل اللازم لمشروعات التكيف مع التغيرات المناخية.
وأعرب وزير الخارجية عن تقديره للتعاون القائم بين وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج ووزارة الموارد المائية والري، خاصة في ظل تشابك وتقاطع ملفات الاختصاص بشأن ملف المياه المرتبط بالأمن القومي، والتعاون مع الشركاء الدوليين في مجالات مواجهة ندرة المياه، وبناء القدرات، ونقل التكنولوجيا.
وخلال كلمته، أكد وزير الري على حرص مصر على تعزيز التعاون مع الدول الإفريقية، خاصة دول حوض النيل، من خلال دعم مشروعات تنموية ومائية، مشيراً إلى الآلية التمويلية التي أطلقتها الدولة المصرية بمخصصات تمويلية محددة لدراسة وتنفيذ المشروعات التنموية والبنية الأساسية بدول حوض النيل الجنوبي.