جيل Z: كيف يفضل شراء الأفكار بدلاً من المنتجات، وخبير يحذر الشركات من تجاهل التحول نحو الذكاء الاصطناعي

جيل Z: كيف يفضل شراء الأفكار بدلاً من المنتجات، وخبير يحذر الشركات من تجاهل التحول نحو الذكاء الاصطناعي

في زمن يتسارع فيه التغيير التكنولوجي بشكل غير مسبوق، تجد الشركات نفسها أمام تحدٍ لم يسبق أن واجهته من قبل، وهو كيفية مواكبة الطفرات المتتالية في الأدوات، وفي الوقت نفسه فهم عقلية وسلوك جيل Z بالكامل.

هذا التساؤل المهم كان محور حديث محمد سكراوي، نائب الرئيس التنفيذي لشركة «دوتس هب» والمتخصص في التكنولوجيا العقارية، حيث تحدث بلغة حاسمة عن الواقع المتغير الذي يعيشه عالم الأعمال اليوم، قائلاً: «نحن أمام ثنائية غير تقليدية، لا يكفي فيها التطوير المرحلي أو التجديد السطحي، بل تحتاج المؤسسات إلى إعادة هيكلة فكرها بالكامل، ليس فقط على مستوى المنتج أو التسويق، ولكن على مستوى الرؤية والثقافة وهندسة اتخاذ القرار»

وأوضح سكراوي أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية تساعد المؤسسات على تحسين عملياتها أو تقليل التكاليف، بل أصبح بمثابة بنية تشغيلية كاملة قادرة على إدارة جوانب واسعة من دورة العمل داخل أي مؤسسة، وأضاف في حديثه لـ«إقرأ نيوز»: «الأدوات مثل Claude وAutoGPT لم تعد حكرًا على عمالقة التكنولوجيا، بل أصبحت متاحة ومنخفضة التكلفة لأي شركة، مهما كان حجمها، ترغب في رفع كفاءتها أو توسيع قدراتها»

لكن المفارقة، كما يوضح، تكمن في الفرق بين «التبني التقني» و«التبني الاستراتيجي»، ففي حين تتجه الكثير من الشركات لاستخدام هذه الأدوات لتحسين الكفاءة، يتجاهل كثير منها إعادة التفكير الجذري في نموذج التشغيل نفسه، بحيث يُدمج الذكاء الاصطناعي كجزء أصيل لا مجرد «إضافة هامشية».

وعلى الجانب الآخر من المعادلة، يبرز تحدٍ لا يقل تعقيدًا: جيل Z، هذا الجيل، كما يصفه سكراوي، لا يشتري مجرد منتج، بل يبحث عن قصة ورسالة وتجربة متكاملة، فهو جيل وُلد في بيئة رقمية، وامتلك أدوات التعبير والمقارنة والتقييم منذ لحظة وعيه الأولى

لذا، لا يكفي أن تقدم له منتجًا جيدًا بسعر تنافسي، بل عليك أن توصل له قصة حقيقية، ورسالة واضحة، وتجربة متكاملة تبدأ من التصميم وتنتهي بخدمة ما بعد البيع.

كما يرى المتخصص في التكنولوجيا العقارية، يقيّم الشركات ليس فقط على ما تبيعه، بل أيضًا على مواقفها من القضايا البيئية والاجتماعية والعدالة المجتمعية، فهذا الجيل لا يمنح ولاءً طويل الأمد، لكنه يمنح ثقة عميقة إن شعر أن الشركة تراه وتحترم وعيه.

حين تتقاطع هاتان الحركتان، انفجار وتغيّر العقلية الجيلية، فإن النتيجة ليست مجرد تحدي، بل هي واقع جديد كليًا، على حد وصف محمد سكراوي الذي أضاف: «الشركات التي تتبنى الذكاء الاصطناعي لتقليل التكاليف فقط، دون أن تربطه بتحليل سلوك عملائها في الوقت الحقيقي، تخسر نصف المعادلة، وتلك التي تطلق حملات تسويقية حديثة الشكل دون أن تفهم عمق تفكير جيل Z، تخسر النصف الآخر»

وبالتالي فإن الشركات التي ستنجو وتزدهر، بحسب رأيه، هي التي تجمع بين التوظيف الحقيقي للذكاء الاصطناعي، والفهم العميق للسلوك البشري الجديد.

«التحدي هنا ليس فقط في تغيير الأدوات، بل في تغيير العقليات»، يقول سكراوي مشيرًا إلى أن التحوّل المطلوب لا يمكن أن يكون تجميليًا، بل يجب أن ينفذ إلى صميم فلسفة الشركة، ويشرح أن الشركات بحاجة إلى التحوّل من ثقافة الإدارة بالأوامر إلى الإدارة بالتحليل والمعلومة، ومن مركزية القرار إلى التمكين اللامركزي، ومن إنتاج الكتل الكبيرة إلى تخصيص التجربة الفردية، مؤكدًا أن هذه ليست مجرد ممارسات جديدة، بل فلسفة تشغيل كاملة يجب أن تبدأ من رأس الهرم وتخترق جميع المستويات.

على الرغم من أن بعض الشركات العالمية بدأت بالفعل في إدماج الذكاء الاصطناعي في جميع عملياتها، وإعادة هيكلة ثقافتها لتكون أكثر شفافية ومرونة، وهو ما يتماشى مع تطلعات جيل Z، إلا أن الواقع في المنطقة العربية مختلف، ويحذر سكراوي من التردد أو التقليل من شأن هذا التحول المزدوج، مؤكدًا أن فقدان المكانة التنافسية وتآكل القيمة السوقية هي نتائج طبيعية لمن يتجاهل هذا الواقع.

وفي ختام حديثه، يضع سكراوي الأسس لمواكبة الاتجاهات الحالية للسوق، بقوله: «الذكاء الاصطناعي لن يتباطأ، وجيل Z لن ينتظر، فالشركات التي تفهم وتتحرك، ستبني مستقبلًا متينًا في سوق يتحول بسرعة، أما الشركات التي تتجاهل أو تتردد، فمصيرها أن يتم استبدالها بمن هم أكثر جرأة، أكثر فهمًا، وأكثر توافقًا مع هذه الثنائية الجديدة التي تقلب موازين البيزنس»