
يمتد شاطئ البحر ببورسعيد على طول 6 كيلومترات، بدءًا من مدخل قناة السويس في الشرق وصولًا إلى الحدود الغربية مع محافظة دمياط، حيث يخرج صيادو الضهرة مع بزوغ الفجر في مشهد يومي يجسد العلاقة بين البحر والحياة، ويبدأون رحلاتهم اليومية مرتين: الأولى في الفجر، والثانية وقت الظهيرة.
لا يمتلك هؤلاء الصيادون قوارب ضخمة أو تقنيات متطورة، بل يعتمدون على الشباك اليدوية، مستفيدين من خبراتهم التي توارثوها عبر الأجيال، حيث يلقون شباكهم من الشاطئ مباشرة إلى أعماق البحر، في انتظار رزق البحر وخيراته.
وترافق شباك الصيادين دائمًا طيور النورس التي تحلق في السماء بالقرب منهم، تراقب الشباك منذ لحظة دخولها المياه حتى خروجها، في حين تتسلل القطط إلى جوار الشباك لتصطاد وجبتها من الأسماك الصغيرة، وكأنها تعرف توقيت الرزق أكثر من البشر.
يأتي أيضًا المصطافون من أهالي المحافظة وزوارها من باقي المحافظات، حيث يتوافدون بالآلاف يوميًا على شواطئ بورسعيد وبورفؤاد.
يبدأ صيادو شاطئ البحر ببورسعيد، المعروفون بصيادي الضهرة، رحلاتهم اليومية من فجر كل يوم، حيث يلقون شباكهم مرتين، الثانية تكون وقت الظهيرة، ويصطفون على الرمال أمام مياه البحر المتوسط استعدادًا لفرز الأسماك، حيث تُسحب الشباك وتُفرز الأسماك في صناديق خشبية على الشاطئ.
رصدت كاميرا «إقرأ نيوز» مشهد خروج شباك الصيد من مياه البحر المتوسط ببورسعيد في نطاق حي الشرق، ولحظة فرز الصيادين للأسماك.
وفي حديثه مع «إقرأ نيوز»، قال محمد الصعيدي، أحد صيادي الصورة على شاطئ بورسعيد: «نخرج يوميًا من وقت الفجر، نحضر شباكنا ونلقيها في مياه البحر، وننتظر قرب الظهر لتخرج محملة بالأسماك الطازجة».
وأضاف صياد شاطئ بورسعيد: «في صيف كل عام، يظهر نجم الموسم، مثل هذه الأيام، وهي أسماك السردين، التي يبدأ صيدها من شهر يونيو وتستمر حتى نهاية سبتمبر».
ولا يكتمل المشهد دون أهالي المدينة والمصطافين الذين يتوافدون يوميًا على الشاطئ لمشاهدة لحظة خروج الشباك من البحر، ولشراء الأسماك الطازجة مباشرة من يد الصيادين.
يتحول الشاطئ إلى ساحة حياة نابضة؛ البعض يصور لحظة الصيد بكاميرا الهاتف، بينما يلتقط آخرون «سيلفي» و«ريلز»، وآخرون يتابعون عملية الفرز بدقة، في حين يلعب الأطفال حول القوارب، ويقفزون منها إلى المياه الضحلة، مستمتعين باللحظة.
وعند لقائنا مع أحد المصطافين على شاطئ البحر المتوسط ببورسعيد، قال: «نحب كل عام أن نأتي إلى بورسعيد، للاستمتاع بالأجواء الرائعة فيها، ومن أجمل ما ننتظره شراء الأسماك الطازجة من شباك الصيادين، ونحب أيضًا مشاهدتها والتقاط الصور التذكارية معها».
وفي الجهة المقابلة من المشهد، ينعكس أثر الصيد على سوق الأسماك الحضارية الجديدة، التي أصبحت وجهة رئيسية لزوار بورسعيد من داخل وخارج المحافظة، السوق تقع في نطاق حي العرب، على مساحة 20.700 متر مربع، وتضم 82 محلًا للتجزئة، و104 محال «سريحة»، و30 محلًا للجملة، بالإضافة إلى مطاعم وأفران أسماك ومحال للتنظيف.
في كل ركن من السوق، تنتشر أنواع الأسماك والبحريات مثل السردين، الباغة، البوري، القاروص، الكابوريا، والجمبري، تُعرض بطريقة جمالية على الطاولات الخشبية، مما يجذب الآلاف من الزوار يوميًا، حتى من السياح الأجانب الذين يقصدونها ضمن جولاتهم الحرة في المدينة.
بينما يواصل صيادو الضهرة رحلتهم اليومية، تبقى ملامح البساطة والصبر والانتماء للبحر حاضرة في كل تفصيلة، من الشباك التي تُلقى فجرًا، إلى موائد البورسعيدية التي تنتظر خير البحر كل مساء.