
أفادت الجمعية الفلكية بجدة أن مواقع التواصل الاجتماعي تشهد بين الحين والآخر منشورات تتناول موضوع “نيبيرو” أو “الكوكب X”، حيث تدّعي هذه المنشورات أنه جرم سماوي ضخم يقترب من الأرض ليهدد الحياة أو يصطدم بها.
وأوضحت الجمعية عبر حسابها على فيسبوك أن هذه الشائعات تتنشر على شكل مقاطع فيديو أو صور مفبركة أو تحليلات غير دقيقة تدّعي أن وكالة ناسا تخفي الحقائق، فما هو أصل هذه الخرافة؟ وهل لها أي أساس علمي؟
قصة نيبيرو
ذكرت الجمعية أن قصة نيبيرو بدأت في تسعينيات القرن الماضي، عندما ظهرت كاتبة أمريكية تُدعى نانسي ليدر، زعمت أن مخلوقات فضائية أخبرتها بأن كوكبًا ضخمًا يدعى “نيبيرو” سيقترب من الأرض ويتسبب في كارثة كونية عام 2003.
وأشارت إلى أنه لم يحدث شيء في عام 2003، مما أدى إلى “تأجيل الكارثة” إلى عام 2012 تزامناً مع نهاية تقويم حضارة المايا، ثم تم تغيير التواريخ إلى 2017 و2020، والآن تعود الشائعات مجددًا لتزعم أن الكارثة ستحدث في 2025.
وأكدت الجمعية أن جميع المزاعم حول نيبيرو لا تستند إلى أي أساس علمي، فلا يوجد كوكب بهذا الاسم في سجلات الاكتشافات الفلكية، وجميع التلسكوبات الكبيرة حول العالم، بما فيها تلك التابعة لهواة الفلك، تراقب السماء باستمرار، ولا يمكن أن يقترب جرم ضخم دون أن يتم رصده.
بدورها، أكدت وكالة ناسا مرارًا وتكرارًا أن “نيبيرو هو مجرد خرافة إنترنت” فقط، وأن الكواكب الكبيرة إذا اقتربت من الأرض فإنها تُحدث اضطرابات في مدارات الكواكب الأخرى، وهذا لم يُرصد أبدًا.
هل نيبيرو هو سبب الزلازل والبراكين؟
يقول مروّجو هذه الخرافة أيضًا إن نيبيرو هو السبب وراء الزلازل والبراكين وتسارع دوران الأرض وحتى تراجع المجال المغناطيسي الأرضي، وهذا غير صحيح.
وأوضحت الجمعية أن الزلازل تحدث نتيجة حركة الصفائح التكتونية في أعماق القشرة الأرضية، وهي ظاهرة داخلية معروفة، بينما تثار البراكين نتيجة تراكم الضغط في غرف الصهارة تحت سطح الأرض، وليس لها أي علاقة بأي جرم سماوي.
أما تسارع دوران الأرض حول محورها، فهو ناتج عن تغيرات طبيعية مثل ذوبان الجليد القطبي والزلازل الكبيرة، وتغيرات الرياح، وليس بسبب كوكب غامض.
كما أن المجال المغناطيسي للأرض ليس ثابتًا، بل هو في حالة حركة دائمة منذ ملايين السنين، وأحيانًا يضعف أو حتى ينعكس، وهي ظاهرة طبيعية تحدث ببطء على مدى آلاف السنين، ولا توجد أي علاقة علمية بين نيبيرو الخرافي وتحولات المجال المغناطيسي، ولم يتم رصد أي جرم قريب يؤثر عليه.
تُعتبر جميع هذه الظواهر لها تفسيرات جيولوجية وفيزيائية معروفة، ولا علاقة لأي كوكب خفي بها.
كذلك تُستخدم مفاهيم مثل “نيبيرو” ضمن ما يُعرف بـ “علوم آخر الزمان”، وهي ليست علومًا حقيقية بل هي خلط بين الدين والخرافات، وغالبًا ما تُربط هذه المزاعم بآيات قرآنية شريفة أو نبوءات تأويلية بشكل غير علمي، مما يسبب خلطًا بين الدين والعلم دون أي دليل واقعي.
تنتشر مثل هذه الخرافات بسهولة بسبب الخوف من المجهول، مما يجعل الناس أكثر تقبلاً لها، بالإضافة إلى الترويج المبالغ فيه على منصات التواصل الاجتماعي، واستخدام مصطلحات علمية خارج سياقها، مما يعطي انطباعًا زائفًا بالموثوقية، كما أن غياب التفكير النقدي والوعي الفلكي لدى البعض يُسهم في ذلك.
أما بالنسبة للكوكب المزعوم، فهناك فرضية علمية تشير إلى وجوده في حافة النظام الشمسي، لكنه لم يُرصد، ولا يقترب من الأرض، ولا علاقة له بنيبيرو الخرافي.
هل النجم “الطارق” في القرآن هو نيبيرو؟
يفسر العلماء “الطارق” بأنه نجم نيوتروني أو نجم نابض، وهي أجسام حقيقية تم اكتشافها علميًا، تصدر ومضات إشعاعية، ولا علاقة لها بنيبيرو أو بأي جرم يهدد الأرض.
في النهاية، “نيبيرو” ليس أكثر من أسطورة وخرافة إنترنت بلا أساس علمي أو رصد فلكي، ولا علاقة له بالزلازل أو البراكين أو دوران الأرض أو المجال المغناطيسي، ولا حتى بالآيات الكريمة، فالمعرفة تحررنا من الخوف غير المبرر، والعلم يحمي الإنسان من الوقوع في فخ الخرافات.