
حذّر الدكتور أسامة فخري الجندي، أحد علماء وزارة الأوقاف، من الاعتماد على ما يُعرض في وسائل التواصل الاجتماعي لبناء التدين والوعي الديني، مشددًا على أن الانجراف وراء ما يشاهده أو يشاركه المستخدم دون تفكير أو تعلم حقيقي، يمثل خللاً في المنهجية الدينية والفكرية التي ينبغي أن يتبناها المسلم.
وأشار الدكتور الجندي، خلال حديثه في برنامج «مع الناس» المذاع على قناة الناس اليوم الأحد، إلى أن «التدين لا يُبنى على ما يراه الإنسان أو ما يُعجب به على مواقع التواصل، بل يتطلب ذلك فقهًا وعلمًا وتأملًا، فنحن نملك في تراثنا نوعين من القراءة: قراءة التعلّم، وقراءة الاطلاع، حيث تصنع الأولى إنسانًا متخصصًا في علم معين، بينما تُنتج الثانية إنسانًا مثقفًا مطّلعًا، ولكن يبقى السؤال: من يقرأ؟ وماذا يقرأ؟ وأين يقرأ؟»
وأضاف: «اليوم، نحن أمام ما يمكن تسميته بـ(التدين الرقمي)، الذي يتأثر بشكل مباشر بمنصات التواصل مثل فيسبوك وإنستجرام ويوتيوب وغيرها، وهي منصات متجددة باستمرار، حيث يظهر في كل لحظة تطبيق جديد أو محتوى مختلف، وهنا تكمن المشكلة في غياب الفقه والسند والتوثق العلمي، وهو غياب خطير للغاية».
وأكد أن بناء الوعي من خلال «بوست» أو «تغريدة» بلا مصدر موثوق، بل وقد تُنسب زورًا إلى أحد العلماء أو الأئمة، يعد نوعًا من الكذب الصريح.
وقال: «قد تجد منشورًا يحمل كلامًا منسوبًا لشخص ما، وهو لم يقله، وهذا يمثل خطرًا كبيرًا لأنه يُنتج وعيًا افتراضيًا مزيفًا، لا يمت للعلم الصحيح بصلة».
وتابع الدكتور الجندي: «من الضروري التنبيه على خطورة أخذ الأحكام الشرعية والفتاوى من السوشيال ميديا دون الرجوع لأهل الاختصاص، فهناك فرق كبير بين مقام التدريس ومقام الإفتاء، فالتدريس يشمل تعليم المذاهب الأربعة، التي تُعتبر الأقرب للدقة في استنباط الأحكام من الوحيين الشريفين، وقد عُرف أئمتها بالورع والزهد وقوة الدليل، بينما الإفتاء له ضوابطه وشروطه ومسؤولياته».
واستكمل: «المذاهب الأربعة هي مدارس متعددة ندرسها ونفهمها، لكن عند الأخذ بحكم أو فتوى، يجب أن نستند إلى قوة الدليل، وهو ما يُعرف بمرحلة الاستنباط، ولا يجوز لأي شخص أن يدخل مجال الفتوى أو ينشر ما لا يفقه، لأن ذلك يُفسد الوعي ويُشوش على الناس باسم الدين».