ندوة في كلية آداب دمنهور: كيف تعكس الموسيقى هوية مصر عبر التاريخ

ندوة في كلية آداب دمنهور: كيف تعكس الموسيقى هوية مصر عبر التاريخ

أشارت الدكتورة عبير قاسم، وكيل كلية آداب دمنهور، إلى أن الموسيقى تعتبر مرآة تعكس الهوية المصرية وتعبر عنها، كما تعكس الذوق العام المصري وتفضيلاته عبر العصور، حيث كانت الأغاني الوطنية سلاحًا معنويًا في مواجهة الغزاة ومحاولات طمس الهوية، في فترات الاحتلال والأزمات الكبرى التي شهدها الوطن، وأكدت أن مصر تتغنى بهويتها منذ فجر التاريخ.

جاء ذلك خلال ندوة بعنوان: «الموسيقى والهوية المصرية»، التي نظمت تحت رعاية الدكتور إلهامي ترابيس، رئيس جامعة دمنهور، والدكتورة إيناس إبراهيم، نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتورة سماح الصاوي، عميد كلية الآداب، والتي أقيمت من قبل إدارة شؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة بكلية الآداب، برئاسة الدكتورة عبير قاسم، وكيل الكلية لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة.

شهدت الندوة تفاعلًا كبيرًا من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس ومحبي الموسيقى، حيث كانت هناك مداخلات وأسئلة من الطلاب حول المزيج الفني والتاريخي والتثقيفي.

وأوضحت قاسم أن الكلية تسعى دائمًا لتأكيد الهوية المصرية، حيث نظمت الأسبوع الماضي ندوة أخرى بعنوان «مواجهة الشائعات وأمن مصر القومي»، حاضر فيها الدكتور فضل الله إسماعيل، عميد الكلية الأسبق، والدكتور محمد أبوعلي، أستاذ النقد والبلاغة بقسم اللغة العربية بالكلية، وتم خلالها توضيح أبرز التحديات التي تهدد أمن مصر القومي ومحاولات الأعداء النيل من الهوية المصرية.

وأضافت وكيل الكلية لخدمة المجتمع أن الموسيقى تلعب دورًا حيويًا في ترسيخ قيم الانتماء وتعزيز الهوية المصرية، وتمثل جزءًا أصيلًا من التراث الثقافي المصري الذي يمتد لآلاف السنين، حيث تعكس الألحان والكلمات روح الشعب المصري وقيمه وتاريخه، مما يسهم في تعزيز الشعور بالهوية المشتركة والفخر بالانتماء إلى مصر، خاصة في أوقات التحديات والأزمات، مشددة على أن الموسيقى ليست مجرد فن للترفيه، بل هي أداة قوية لتعزيز الانتماء والهوية، من خلال الحفاظ على التراث الموسيقي المصري الأصيل ودمجه مع الإبداعات المعاصرة، لتعزيز قيم المواطنة والفخر بالهوية المصرية في نفوس الأجيال الحالية والمقبلة.

كما أشارت الدكتورة هبة الأصولي، دكتورة علم اجتماع الفن ومحاضر مركزي بوزارة الثقافة، إلى أن الموسيقى تعبر عن هوية الشعوب عبر العصور، وفي مصر تعبر عن الهوية المصرية منذ فجر التاريخ، بدءًا من الحضارة الفرعونية مرورًا بالعصر الإسلامي وحتى عصرنا الحالي، مشيرة إلى أن الأغنية تعتبر مرآة لحالة المجتمع ثقافيًا واجتماعيًا، وتعكس ثقافة المجتمع وملامح الشخصية الجمعية للأمة.

وتحدثت عن الهوية الوطنية المصرية التي تُستمد منها الألحان الفرعونية القديمة إلى الأغاني الشعبية والقوالب الكلاسيكية مثل الطقطوقة والموشح، حيث تعبر الهوية المصرية عن التنوع الثقافي، وتعكس الموسيقى المصرية تنوع المجتمع، من السيناوي إلى الأعراب والفلاحين والصعيدي والنوبي، مما يعكس شمولية الهوية المصرية.

وأشارت الأصولي إلى أن الموسيقى تتطور مع تطورات الهوية، مستشهدة بقول عالم الاجتماع البريطاني ستيوارت هول: «الهوية ليست مجرد إرث نتلقاه، بل إبداع مستمر نقوم بصنعه، ومع ذلك تظل الهوية متجذرة في التاريخ والأصالة»، مؤكدة أن «من لا تاريخ له، لا هوية له»، وأن الموسيقى في مصر تعكس التنوع الثقافي والثراء الاجتماعي في الهوية المصرية، مضيفة أن الموسيقى تسلط الضوء على العقيدة المصرية الموحدة بالله، منذ أقدم العصور، بداية من «أنشودة النصر» عند الفراعنة التي تعبر عن حفظ الله لمصر، مرورًا بما كتبه فنان الشعب، سيد درويش عقب ثورة 1919، وصولًا إلى الأغاني الوطنية الحديثة التي تؤكد جميعها على أن «مصر محفوظة بعناية الله»، مشيرة إلى أن هذه الأغاني تضمنت مفردات تعكس الإيمان بالوحدانية وتعبر عن قبول الديانات السماوية كافة.

وأكد الدكتور محمد حسني، الماسيترو ومدرب الغناء العربي بمركز تنمية مواهب أوبرا الإسكندرية بدمنهور، أن الموسيقى في مصر تعتبر جزءًا أصيلًا من الهوية المصرية، وتعكس تنوع الحضارات التي مرت بها من الفرعونية إلى العربية والإسلامية، مضيفًا أن الأغاني الوطنية والموسيقى الكلاسيكية ساهمت في صياغة هوية جماعية، مثل أغاني أم كلثوم وعبدالحليم حافظ التي ارتبطت بالانتماء والقومية، واستُخدمت الموسيقى تاريخيًا لنقل هموم الشعب وطموحاته.

وفي نفس السياق، أضافت الدكتورة هدي حسني، المشرف على مركز تنمية مواهب أوبرا الإسكندرية بدمنهور، أن دور الموسيقى في الحفاظ على التراث الثقافي يعد هامًا، حيث تساعد الأغاني والألحان التقليدية، مثل موسيقى سيد درويش ومحمد عبدالوهاب، في الحفاظ على الموروث المصري ونقله عبر الأجيال، كما أن التعبير عن الهوية الوطنية ارتبط بالأغاني الوطنية، مثل «بلادي بلادي» و«أنا الشعب»، والتي كانت لها تأثيرات كبيرة على الحركات السياسية والاجتماعية، مما عزز الروح القومية والافتخار بالهوية المصرية، مؤكدة أن الهوية المصرية تكيفت مع العصر دون فقدان الأصالة، مما يعكس قدرة الهوية المصرية على التجديد مع الحفاظ على جذورها.

اختتمت الندوة بمجموعة من الأغاني التراثية المصرية الأصيلة، قدمها مجموعة من الأطفال من مركز تنمية مواهب أوبرا الإسكندرية بدمنهور، وهم روان الحلواني، ودانيال بشوي، وهنا ضحوة، وأريام حسام.