خبراء أمن المعلومات: حريق سنترال رمسيس ليس هجومًا سيبرانيًا، لكن تداعياته قد تزيد من المخاطر المستقبلية

خبراء أمن المعلومات: حريق سنترال رمسيس ليس هجومًا سيبرانيًا، لكن تداعياته قد تزيد من المخاطر المستقبلية

بعد الحريق المفاجئ الذي نشب مساء أمس الإثنين في مبنى تاريخي مرتبط بالبنية التحتية لقطاع الاتصالات في مصر، والذي تسبب في أضرار كبيرة، حيث تضررت كابلات الشبكات الأرضية وخطوط الإنترنت بالإضافة إلى عدد من الأجهزة الفنية داخل السنترال، أعلنت الهيئة القومية لسكك حديد مصر عن تعطل مؤقت في نظام حجز تذاكر القطارات على مستوى الجمهورية بسبب تأثير الحريق على الشبكة التابعة للشركة المصرية للاتصالات.

في هذا السياق، حذّرت الدكتورة إيمان علي، خبيرة أمن المعلومات ومحاضر بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، من إمكانية استغلال بعض الثغرات الرقمية التي قد تنتج عن مثل هذه الحوادث، مشددة على أهمية التعامل مع الأزمات الميدانية بنظرة سيبرانية حذرة.

وأوضحت علي في تصريحات خاصة لـ «إقرأ نيوز» أنه رغم أن الحريق ليس هجومًا سيبرانيًا، فإن عواقبه التقنية قد تخلق بيئة مناسبة للتهديدات الرقمية إذا لم يتم التعامل معها بحذر واحترافية، ومع انقطاع الخدمات أو الانتقال إلى أنظمة احتياطية، يمكن أن تظهر نقاط ضعف مؤقتة يستغلها مجرمو الإنترنت لتنفيذ هجمات مثل التصيد الاحتيالي أو إدخال البرمجيات الخبيثة.

وأضافت: في الأوقات التي تركز فيها الفرق الفنية على استعادة الخدمات وإصلاح الأضرار، يزداد خطر التغافل عن المراقبة الأمنية، مما قد يُتيح الفرصة لهجمات غير متوقعة، لذا يجب أن تتضمن خطة التعافي من الكوارث الجانبين؛ المادي والرقمي بشكل متكامل.

كما أشارت إلى بعض السيناريوهات الخطيرة التي شهدتها دول العالم، بما في ذلك حالات في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين، حيث أظهرت بعض الحرائق في مراكز البيانات أنها قد تكون نتيجة لهجمات سيبرانية متعمدة، لكنها أكدت أنه لا توجد حتى الآن مؤشرات تدل على أن حريق سنترال رمسيس ناجم عن اختراق رقمي، بل يبدو أنه حادث فني بحت.

وأشارت إلى ضرورة اتخاذ احتياطات فورية بعد الأزمة، قائلة: يجب تعزيز أنظمة الحماية السيبرانية خلال عمليات الصيانة، مع مراقبة حركة البيانات وتأمين أي معدات تم استبدالها أو نقلها، كما ينبغي تحذير الموظفين من محاولات التصيد التي قد تستغل الأزمة لنشر روابط خبيثة أو الحصول على بيانات حساسة.

وأوضحت أن التعامل مع هذه الأزمات أصبح جزءًا من استراتيجية أوسع للأمن القومي الرقمي، حيث لم يعد الاتصال مجرد رفاهية، بل أصبح ركيزة أساسية لعمل المؤسسات والاقتصاد والدولة بشكل عام، لذا فإن حماية البنية الرقمية لا تتعلق فقط بأنظمة الحماية، بل تتطلب بناء وعي أمني شامل في جميع مستويات العمل، حتى أثناء الأزمات.

من جانبه، أكد المهندس هيثم طارق، خبير أمن المعلومات، أن ما حدث يمثل «اختبارًا حقيقيًا لمرونة شبكاتنا»، مشددًا على أهمية الاستثمار في مراكز الحوسبة السحابية ومراكز البيانات المتطورة، خصوصًا المرتبطة بالعاصمة الإدارية الجديدة.

وأشار هيثم في حديثه لـ «إقرأ نيوز» إلى أن مراكز الحوسبة السحابية كانت العامل الرئيسي في ضمان عدم انقطاع الخدمات الرقمية بشكل كامل، موضحًا أن هذه الأنظمة تعتمد على توزيع البيانات والتطبيقات عبر عدة مواقع جغرافية، مما يمنحها القدرة على تجاوز الأزمات المحلية.

وأضاف أنه في حالة مثل حريق سنترال رمسيس، تستطيع الحوسبة السحابية مساعدة المؤسسات في استعادة التطبيقات والبيانات بسرعة وتقليل وقت التوقف، وذلك عبر أنظمة النسخ الاحتياطي والتوازن التلقائي بين الخوادم.

ولفت إلى أن السحابة تدعم أيضًا العمل عن بُعد، مما يمكن الموظفين من أداء مهامهم دون الحاجة للتواجد الفعلي في المواقع المتضررة.

وفيما يتعلق بدور العاصمة الإدارية الجديدة، وصفها هيثم بأنها «العنصر الحاسم في حماية استقرار الخدمات الرقمية في مصر»، مؤكدًا أن العاصمة الجديدة تضم مراكز بيانات حديثة تم بناؤها وفق معايير أمان وكفاءة عالمية، بما في ذلك مركز البيانات الحكومي الموحد.

وأوضح أن البنية التحتية في العاصمة تم تصميمها لتحمل الأعباء التشغيلية في حال تعطل أي مركز رئيسي في العاصمة القديمة، وهي مؤمنة ضد المخاطر البيئية والتقنية، ومتصلة بأنظمة ذكاء اصطناعي وإنترنت الأشياء ضمن إطار المدينة الذكية.

وأشار هيثم إلى أن مراكز البيانات، سواء في العاصمة الإدارية أو في مناطق أخرى، تلعب دورًا محوريًا في خطط التعافي من الكوارث، حيث توفر بنية تحتية تتيح استمرار تقديم الخدمات الحكومية والخاصة حتى أثناء الكوارث، من خلال تقنيات مثل:

-أنظمة التكرار والنسخ الاحتياطي، التي تضمن عدم فقدان البيانات عند تعطل مركز معين.

-الفشل الاحتياطي التلقائي (Failover)، الذي يسمح بتحويل العمليات إلى مراكز أخرى في ثوانٍ.

-التحصين ضد الهجمات السيبرانية، حيث تحتوي مراكز البيانات على جدران نارية متعددة، وأنظمة كشف تسلل، تمنع محاولات استغلال الفوضى الناتجة عن الأزمات.

وشدد هيثم على أن ما حدث يُعد رسالة واضحة بأهمية مواصلة الاستثمار في البنية الرقمية الحديثة، معتبرًا أن الأمن الرقمي لم يعد ترفًا، بل أصبح ضرورة وطنية.

وأضاف أن الربط بين الحوسبة السحابية ومراكز البيانات الحديثة يمثل خط الدفاع الأول عن الدولة، ليس فقط في مواجهة الكوارث، بل في حماية الاقتصاد، والتعليم، والصحة، والخدمات الأساسية كافة، وما حدث في سنترال رمسيس أثبت أن امتلاك بنية رقمية مرنة هو استثمار في استقرار الدولة ومستقبلها.

اطلع أيضًا: