«مركز معلومات الوزراء» يستعرض استراتيجيات الدفاع والردع الرقمية لتعزيز الأمن القومي المصري

نظم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الجلسة الثالثة والعشرين من جلسات المنتدى، بعنوان: «التكنولوجيا والحروب الحديثة: استراتيجيات الدفاع والردع في العصر الرقمي للحفاظ على الأمن القومي المصري»، وذلك في مقر المركز بالعاصمة الإدارية الجديدة، بمشاركة مجموعة من الخبراء والمتخصصين والأكاديميين.
جاء ذلك في إطار فعاليات المنتدى الفكري لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء لعام 2025، في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم نتيجة الثورة التكنولوجية وما نتج عنها من أنماط جديدة في الحروب والصراعات.
تناولت الدكتورة غادة عامر، أستاذ هندسة النظم الذكية بكلية الهندسة جامعة بنها وخبيرة الذكاء الاصطناعي بالإدارة المركزية لمتابعة وتقييم الاستراتيجيات الوطنية بمركز المعلومات، مفهوم الحروب الحديثة التي أصبحت تختلف جذريًا عن الحروب التقليدية، حيث تُستخدم فيها وسائل وتكتيكات جديدة بشكل يومي، إلى جانب أسلحة وتقنيات غير نمطية، وتُطبق على مختلف مستويات العمليات العسكرية بدءًا من الاستراتيجية مرورًا بالتخطيط ووصولًا إلى التنفيذ، موضحةً أن هذا النوع من الحروب يُعرف باسم «الحروب اللامتماثلة».
وأضافت «عامر» أن «الحروب اللامتماثلة» تستفيد من التكنولوجيا الحديثة لإنتاج أدوات هجومية قادرة على التغلغل في عمق المجتمعات، إذ تُستخدم لخلق أزمات داخلية ومعضلات اقتصادية، وقد تشمل أيضًا استخدام تقنيات متناهية الصغر، إضافة إلى تسليح الفضاء الإلكتروني عبر جيوش رقمية، مؤكدةً أن هذه الأنماط الجديدة لا تهدد فقط البنية التحتية للدولة، بل تستهدف المواطنين أنفسهم أيضًا.
واختتمت «خبير الذكاء الاصطناعي بالإدارة المركزية لمتابعة وتقييم الاستراتيجيات الوطنية بمركز المعلومات» بالإشارة إلى أن مواجهة «الغزو التكنولوجي» تتطلب إنشاء مراكز ووحدات متخصصة لتطوير تكنولوجيا فائقة محليًا، وتعزيز التكامل بين المؤسسات المدنية والمجتمعية، بما يضمن تحصين الدولة من الداخل، فضلًا عن تفعيل ما يُعرف بـ «الدبلوماسية العلمية» باعتبارها المسار الأكثر فعالية وسرعة لامتلاك المعرفة وتطوير التكنولوجيا ومواجهة تحديات الحروب اللامتماثلة التي تميز العصر الرقمي.
وأوضح اللواء أ.د. أشرف فارس، مستشار مدير الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن الحروب الحديثة في العصر الرقمي اختلفت تمامًا عن الحروب التقليدية، حيث أصبحت تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا التي تُستخدم حاليًا على نطاق واسع بين الدول، كما أنها تركز على وعي المواطنين ومدى تفهمهم للتحديات والتهديدات التي تواجه الدولة، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الحروب يتخذ أنماطًا متنوعة قد تكون سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وغيرها.
وأضاف «فارس» أن سمات هذه الحروب تتمثل في عدم وجود حدود لها بخلاف العمليات القتالية، حيث تتوقف على الفضاء الإلكتروني، مؤكدًا أن الدولة التي لا تستطيع تأمين فضاءها الإلكتروني تصبح عرضة للاختراق، موصيًا بضرورة إعداد شباب قادر على العمل والإنتاج وتطوير البحث العلمي، إلى جانب إنشاء قاعدة تصنيعية تنتج تكنولوجيا تتماشى مع العصر الحالي وقادرة على مواجهة تلك المخاطر.
كما أكد اللواء أ.د. أشرف القاضي، مستشار كلية الحرب- الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن استخدام التكنولوجيا حاليًا قد ينجم عنه بعض المخاطر، وأهمها الهجمات والتهديدات السيبرانية، والحرب الإلكترونية التي قد تستهدف السيطرة على الرادارات ونظم الاتصالات، مما يؤدي إلى تعطلها وفقدان الدولة السيطرة على أجهزتها تمامًا، فضلًا عن خطورة نشر الشائعات والأخبار المضللة في خلق حرب نفسية خطيرة، إلى جانب تهديد البنية التحتية والأهداف الحيوية من خلال الهجوم الإلكتروني عليها، مؤكدًا على أهمية الردع الإلكتروني لمواجهة تلك المخاطر.
وأشار إلى مجموعة من التوصيات لتعزيز الأمن القومي للدولة، من بينها تعزيز قدرات الأمن السيبراني، وتخصيص فرق لحماية البنية التحتية، فضلًا عن دعم الصناعات الدفاعية المحلية، وتقليل الاعتماد على الخارج، وزيادة الوعي المجتمعي وتدريب الكوادر البشرية المتخصصة وإثراء خبراتها، بالإضافة إلى تطوير المناهج التعليمية بالجامعات لتواكب احتياجات السوق.
وتناول اللواء طيار أ.د. هشام الحلبي، رئيس تحرير مجلة الأمن القومي ومستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، سبل مواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى ضرورة الاستفادة من الكفاءات والخبرات المصرية في هذا المجال، والعمل على تدريب الكوادر وتطوير المهارات الوطنية.
وأكد «الحلبي» أن مواجهة هذا النوع من المخاطر تقوم على ثلاثة محاور رئيسة وهي الردع والمنع والاستعادة، مشيرًا إلى أن الردع يتمثل في امتلاك القوة وإظهارها للآخرين، بينما يأتي المنع في عدة مستويات، أهمها تشفير البيانات، أما الاستعادة فتتعلق بالقدرة على استرجاع الأنظمة واستمرارية عملها عند التعرض للاختراق.
وقالت الدكتورة هبة عبدالمنعم، رئيس الإدارة المركزية لمتابعة وتقييم الاستراتيجيات الوطنية ورئيس اللجنة العلمية الاستشارية بالمركز، إن المنتدى الفكري يمثل آلية فعالة وقناة رئيسة للتواصل بين الخبراء ورئيس مجلس الوزراء بشكل مباشر، كما يهدف إلى مناقشة العديد من الموضوعات والقضايا الاستراتيجية المهمة بالنسبة للدولة المصرية، مشيرةً إلى أن توصيات المنتدى تُرفع إلى رئيس مجلس الوزراء للاستفادة منها في دعم اتخاذ القرار.