وزير الصحة يطلق اجتماع اللجنة التوجيهية الإقليمية «ReSCO» لتعزيز التكامل الصحي في إفريقيا: دعم مصر للمبادرات الصحية القارية

افتتح الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، اليوم الإثنين، أعمال اجتماع اللجنة التوجيهية الإقليمية «ReSCO»، التي تتبع المركز التنسيقي لشمال أفريقيا التابع لمراكز مكافحة الأمراض الإفريقية (Africa CDC)، بحضور ممثلي الدول الأعضاء، وصنّاع السياسات، وخبراء القطاع الصحي في القارة.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد عبدالغفار التزام مصر القوي بدعم الجهود الصحية في القارة الإفريقية، مشددًا على أن التحديات العابرة للحدود تحتاج إلى منظور قاري تكاملي، ينطلق من مبدأ القيادة الجماعية وتمكين الذات.
وأشار عبدالغفار إلى أن مصر ليست مجرد دولة عابرة في هذا المسار، بل هي فاعل أصيل ومسؤول يسعى إلى ترسيخ نموذج صحي أفريقي متكامل، فنحن لسنا مراقبين لمشهد التغيير، بل صانعوه ونمثل قارة قررت أن ترسم مستقبلها بيديها.
كما أوضح أن الاجتماع ليس مجرد لقاء تنسيقي تقني، بل هو تجسيد لإرادة سياسية وفنية مشتركة تهدف إلى بناء نظام صحي أكثر عدالة واستدامة، مضيفًا أن أفريقيا أصبحت تمتلك مرجعية قارية تتمثل في Africa CDC، التي وصفها بـ«القيادة الموثوقة» القادرة على توحيد الصفوف وتعزيز قدرات الدول في الترصد والاستجابة لمكافحة الأوبئة ومقاومة الميكروبات.
ولفت عبدالغفار إلى أن ما يميز المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض هو قدرتها على توفير مظلة صحية موحدة تعبر عن تطلعات شعوب القارة وتضمن حقهم في الصحة والكرامة، معبرًا عن فخر مصر باستضافة معرض ومؤتمر الصحة الأفريقي (ExCon Health Africa) خلال الفترة من 24 إلى 27 يونيو 2025، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبشراكة استراتيجية مع Africa CDC، معتبرًا أن هذا الحدث يمثل «علامة فارقة» في مسار بناء السيادة الصحية للقارة.
وأشار الوزير إلى أن المؤتمر يسعى لوضع خارطة طريق للاستثمار في قطاع الصحة، وتوطين إنتاج المستلزمات الطبية، وتعزيز العمل الجماعي القاري، كما أكد اعتزاز مصر باستضافة أول اجتماع للجنة الاستشارية الفنية الإقليمية (ReTAC)، والمشاركة في تأسيس مركز تصنيع المنتجات البيولوجية بالشراكة مع المغرب، كخطوة استراتيجية نحو تحقيق السيادة القارية في إنتاج اللقاحات ووسائل التشخيص الحيوي.
وأوضح الدكتور خالد عبدالغفار أن المراكز التنسيقية الإقليمية (RCCs)، وخاصة مركز شمال أفريقيا، لا تُعتبر مجرد وحدات تنفيذية، بل «محاور استراتيجية» ترتكز على خصوصيات كل إقليم، وتربط بين الأنظمة الصحية الوطنية والأجندة القارية عبر الترصد، وتنسيق المختبرات، وبناء القدرات، والاستجابة السريعة للطوارئ.
واختتم الوزير كلمته بالتأكيد على استمرار مصر في أداء دورها الريادي لدعم Africa CDC، قائلًا إن هذا الاجتماع يبرهن على ما يمكن تحقيقه حين تتكامل الإرادة السياسية مع الرؤية الفنية والقيادة المؤسسية، مضيفًا أن مستقبل الصحة في أفريقيا أصبح واقعًا نشارك في صناعته، ومصر بكل فخر في طليعة هذا البناء.
وفي سياق متصل، أعلن الدكتور مصطفى الفرجاني وزير الصحة التونسي، خلال أعمال الاجتماع، عن اختيار مصر مقرًا رسميًا للمركز التنسيقي الإقليمي لشمال أفريقيا التابع لمراكز مكافحة الأمراض في أفريقيا (Africa CDC)، مشيرًا إلى أن هذا القرار يأتي تتويجًا للدور الحيوي الذي تلعبه القاهرة في دعم الصحة القارية، وقدرتها المؤسسية والتنفيذية على قيادة البرامج الصحية المشتركة، كما تم التوافق خلال الاجتماع على إسناد رئاسة الدورة الحالية للمركز إلى تونس، على أن تتولى الجزائر منصب نائب الرئيس، مع الاتفاق على تجديد هيكل القيادة كل عامين، بما يضمن التنوع والتمثيل العادل لمختلف دول الإقليم، ويعزز من فاعلية التنسيق والعمل الجماعي على المستوى القاري.
من جهته، أعرب الدكتور راجي تاج الدين، نائب المدير العام لـ Africa CDC، عن بالغ تقديره لمصر على استضافة أعمال اللجنة التوجيهية، مشيداً بالدور المحوري الذي تلعبه القاهرة في دعم القارة، وخصّ بالشكر الدكتور خالد عبدالغفار على دعمه المستمر، قائلًا: «هذا الاجتماع يمثل خطوة استراتيجية نحو بلورة خارطة طريق للعمل المشترك في مكافحة الأمراض والوقاية منها، مع التركيز على توطين الصناعات الدوائية وتطوير قدرات الفحص والتشخيص، وتعزيز الاستثمار الصحي لتحقيق تنمية مستدامة في أفريقيا»
بدوره، أكد السفير على درويش، رئيس الوفد الدائم للاتحاد الأفريقي لدى جامعة الدول العربية، أن الاجتماع يهدف ليس فقط إلى تشخيص التحديات الصحية، بل إلى خلق حلول مبتكرة تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز النظم الصحية في دول القارة.
وقال درويش: «لقد مثّلت جائحة كورونا اختبارًا حقيقيًا لقدرات القارة، ورغم محدودية الموارد، أثبتت أفريقيا قدرتها على التكيف والصمود من خلال التنسيق وتبادل الخبرات»، وأكد أن هذه الاجتماعات، التي تُعقد على أرض مصر، تُشكل استمرارًا لهذا النهج، مشيرًا إلى أن القارة تركز الآن على المستقبل وتخطط لتعاون فعّال مع الدول الشريكة لبناء أنظمة صحية شاملة وعادلة تضمن الرعاية لجميع المواطنين