
في زحمة الأخبار اليومية، اعتاد الناس على تحديثات السياسة والرياضة والترفيه، لكن هناك لحظات تُجبر الجميع على التوقف، لحظات صادمة مثل تلك التي حملت خبر وفاة الإعلامي التونسي وليد التليلي، لم يكن مجرد اسم يمر على الشاشات أو الإذاعات، بل كان صوتًا مألوفًا، يحمل نبرة وعي، ودفء تجربة، وأمانة مهنية نفتقدها كثيرًا في هذا الزمن المتسارع.
صوت يحمل همّ الثقافة والفكر
كان التليلي من أولئك القلائل الذين اختاروا أن يكونوا مختلفين، لم يجرِ وراء الإثارة ولا تصدر العناوين المكررة، بل حمل على عاتقه همّ الكلمة المسؤولة والمحتوى الجاد، سواء في البرامج الثقافية التي قدمها أو في كتاباته الصحفية، ظل وليد حريصًا على أن يكون صوته جسرًا بين الناس والمعرفة، بين الواقع والطموح، بين الفن الحقيقي والمجتمع.
وقع الفقد وما لا يُقال في النشرات
لم يكن خبر وفاته مجرد فقرة قصيرة في النشرات الإخبارية، بل صدمة نفسية للوسط الإعلامي والثقافي غاب من كان يملأ الفضاء بكلمات متزنة وآراء لا تنجرّ خلف التيار، لم يكن صاخبًا، لكنه كان مسموعًا. لم يكن متصدرًا، لكنه كان حاضرًا بقوة حضوره المهني والإنساني.
وليد الإنسان لا الإعلامي فقط
من عرف وليد عن قرب، لا يتحدث فقط عن مهنيته، بل عن نقائه الإنساني، تواضعه، وأخلاقه الرفيعة، كان يستمع قبل أن يتحدث، يكتب قبل أن يحكم، ويشجع الشباب قبل أن يُسأل، ترك خلفه ليس فقط إنتاجًا إعلاميًا، بل ترك أثرًا شخصيًا في قلوب من تعاملوا معه، وهو الإرث الأهم لأي إنسان.
كلمة وداع لا تفي بالغرض
رحل وليد التليلي في صمت يشبهه، دون ضجيج، لكن صداه سيبقى طويلًا، سيظل اسمه مرتبطًا بكل من آمن بأن الإعلام رسالة، وبأن الحرف أمانة، وبأن الثقافة ليست ترفًا بل ضرورة، لا كلمات تنصف هذه الخسارة، لكن كل من سيتذكره، سيتحدث عن رجل عاش بإخلاص، ومضى كما عاش راقيًا.