
نظم المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، وبالشراكة مع مكتبة الإسكندرية، ندوة تحت عنوان «نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان»، حيث استضافت مكتبة الإسكندرية، التي تُعد من أقدم المؤسسات الثقافية في مصر، هذا الحدث كمنارة فكرية تساهم في الحوار المجتمعي والانفتاح على قضايا التغيير والتحول الثقافي.
حضر الندوة عدد من الشخصيات البارزة، منهم السفير محمود كارم رئيس المجلس، والنائب محمد أنور السادات عضو المجلس ورئيس لجنة الحقوق المدنية والسياسية، وهدى راغب عضو المجلس، والدكتور هاني إبراهيم الأمين العام للمجلس، والدكتور مجدي عبدالحميد المدير التنفيذي لمشروع الاتحاد الأوروبي، والدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور سامح فوزي كبير باحثين بالمكتبة، والدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم الأسبق، والدكتورة إلهام عبدالحميد أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة القاهرة، والدكتورة يسرا شعبان أستاذ القانون المدني بجامعة القاهرة، ونجاد البرعي الناشط الحقوقي والمحامي بالنقض.
وفي كلمته، أكد السفير كارم أن مكتبة الإسكندرية تمثل منارة حقيقية للعلم والثقافة في مصر، وأن التعاون معها في نشر ثقافة حقوق الإنسان يُعد إضافة نوعية تعكس أهمية تكامل الجهود بين المؤسسات الوطنية، مشيرًا إلى أن المجلس أولى منذ تأسيسه اهتمامًا كبيرًا بنشر ثقافة حقوق الإنسان، إيمانًا منه بأن التوعية المجتمعية تمثل إحدى الأدوات الأساسية لترسيخ احترام الحقوق والحريات، حيث ركز على التعليم كأحد المجالات الرئيسية، سواء من خلال مراجعة المناهج الدراسية من منظور حقوقي، أو عبر تنفيذ أنشطة وورش تفاعلية داخل المدارس تهدف إلى غرس قيم التسامح واحترام التنوع وقبول الآخر، كما أطلق المجلس برامج توعية لآلاف الطلاب في المدارس والجامعات لتأهيل جيل واعٍ بحقوقه وملتزم باحترام حقوق الآخرين.
وأضاف أن المجلس يتطلع إلى توسيع أطر التعاون مع مؤسسات ثقافية وتعليمية راسخة مثل مكتبة الإسكندرية، من خلال تنظيم فعاليات مشتركة وصالونات فكرية دورية لمناقشة قضايا حقوق الإنسان وتحديات العصر، بما يسهم في ترسيخ الوعي المجتمعي وتكامل الجهود الوطنية في هذا المجال.
وأكد الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، أن انعقاد هذه الندوة يعكس التقاء الأهداف المشتركة بين المجلس والمكتبة، مشددًا على أن القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان هي ذاتها التي تعنى بها المؤسسات الفكرية والثقافية الجادة في الدفاع عن القيم الإنسانية، وأشار إلى أن تاريخ حقوق الإنسان يُظهر كيف تطورت النظرة إلى هذه القضايا من مجرد التركيز على الحريات العامة إلى منظومة أشمل تضم الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، موضحًا أن الحقوق الثقافية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بحقوق الأقليات والحفاظ على الهوية والتراث.
كما أضاف أن انعقاد الندوة في هذا التوقيت يتماشى مع توجه الدولة المصرية نحو تعزيز قيم المواطنة، والارتقاء بمكانة حقوق الإنسان كهدف وطني يشمل كافة أبعادها السياسية والمدنية والاجتماعية والثقافية.
من جانبه، أشار أنور السادات إلى أن الحديث عن ثقافة حقوق الإنسان من داخل مكتبة الإسكندرية، لما لها من رمزية معرفية وتاريخية، يمثل رسالة مهمة تتجسد في السياسات والممارسات التي تصون كرامة المواطن، وتحترم حقوقه، وتؤكد أن حماية الإنسان تظل أولوية حتى في أوقات التحديات، وأضاف أن تعزيز العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة يتطلب بيئة يشعر فيها الجميع بالعدالة والأمان والاحترام، مشيرًا إلى أن نشر ثقافة حقوق الإنسان مسؤولية جماعية لا تقتصر على المجالس أو الهيئات، بل تشمل مختلف مؤسسات الدولة، خاصة التشريعية والتعليمية والثقافية.
وأكد أن التعليم يمثل ركيزة أساسية في بناء وعي حقيقي لدى الأجيال الجديدة، من خلال مناهج وأنشطة تُغرس فيها مفاهيم الحقوق والواجبات، وقيم التعددية وقبول الآخر والانتماء.
وأشار الدكتور مجدي عبدالحميد إلى أن الندوة تُعقد في إطار اهتمام المجلس بإرساء ثقافة حقوق الإنسان كجزء أصيل من بنية المجتمع، وضمن رؤيته التي تُعلي من قيمة الوعي الحقوقي كأداة فاعلة لبناء مجتمع عادل يقوم على المواطنة والمساواة، والتي تمثل تحركًا نوعيًا نحو تفعيل القيم الحقوقية في الواقعين التعليمي والمجتمعي، عبر بناء منظومة تستوعب هذه القيم وتُمارسها على مستوى السياسات والمؤسسات، بما يعزز من حضورها في الحياة اليومية والسلوك العام.
وتناولت الندوة واقع تدريس حقوق الإنسان في التعليم الجامعي كأحد المسارات الأساسية لتشكيل وعي الطلاب بقيم المواطنة والعدالة، ومجالًا لإعادة بناء المناهج على أسس تكرّس مفاهيم حقوق الإنسان، وتعزز قدرة الطلاب على ممارسة الحقوق في واقعهم الأكاديمي والمجتمعي، وذلك إدراكًا لأهمية هذه المرحلة التعليمية في بلورة المفاهيم الحقوقية لدى الأجيال الجديدة، وتأسيس وعي نقدي قادر على الربط بين المعرفة النظرية والتطبيق.
ويشارك في الحلقة النقاشية عدد من خبراء مكتبة الإسكندرية، وأكاديميون متخصصون في مجالات حقوق الإنسان، والقانون، والعلوم التربوية، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني المعنية بقضايا التوعية الحقوقية.
وتأتي هذه الحلقة امتدادًا لدور المجلس في الدفع نحو إدماج حقوق الإنسان في مسارات التعليم والتنشئة، بما يعزز من إنتاج وعي مجتمعي يعكس حضورًا حقيقيًا ومستدامًا لمبادئ حقوق الإنسان داخل النسيج المؤسسي والمجتمعي.