
أظهر بحث علمي جديد تم طرحه ومناقشته خلال المؤتمر العالمي الخامس لتربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك البحرية الذي عُقد في يونيو الجاري في روما، إيطاليا، أن الدكتور أحمد غلاب، مدير محميات البحر الأحمر، قد حقق نجاحًا في استعادة الشعاب المرجانية عبر التكاثر الجنسي في البحر الأحمر، مما يفتح المجال لإنتاج أجيال جديدة ويعيد الأمل في المناطق المتضررة لمواجهة التغير المناخي.
وذكر “غلاب” أنه قدم ورقة بحثية خلال المؤتمر العلمي الذي عُقد هذا الشهر، حيث تم تناول موضوع التكاثر الجنسي للشعاب المرجانية كأحد العوامل الأساسية لاستقرارها وتكاثرها، وأظهرت الدراسات التي أجريت في البحر الأحمر أن التكاثر الجماعي لسمك الأكروبوريداي يبدأ في أواخر أبريل، حيث يتم إطلاق البيض في أوائل مايو.
وأضاف “غلاب” أنه تمكن من توثيق بقع البيض الناضج في سنوات 2017 و2022 و2023 و2024، حيث كان اللون الأخضر الكثيف دليلاً على تكاثر المرجان في البحر، وأشارت تلك البقع إلى أن العديد من المستعمرات أطلقت أمشاجها في شهري أبريل ومايو، وقد لوحظ تراكم بقع وردية اللون من بيض المرجان في السنوات المذكورة، وتمكن الفريق من جمع واستقبال بيض مخصب تم فحصه تحت المجهر لاستخدامه في ترميم المرجان، حيث تم تجميع البقع على السطح ووضعها في حوض اصطناعي قريب من البحر، وبعد ستة أشهر من جمع البقع، تم زراعة عشرة شعاب مرجانية من نوع أكروبورا في الحوض المخصص.
وكشف “غلاب” أن ظاهرة تكاثر الشعاب المرجانية تمثل دليلاً واضحًا على حيوية الشعاب في البحر الأحمر، مما يمكن الاستفادة منه في إعادة تأهيل الشعاب والمناطق البحرية المتضررة في المستقبل.
وكانت الدراسة تهدف إلى تحديد أوقات تكاثر الشعاب المرجانية للاستفادة من تلك البويضات في المستقبل، خاصة في ظل التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة، حيث تمتاز الشعاب المرجانية على الساحل المصري بقدرتها على التكيف مع هذه التغيرات، مما يجعل الحفاظ عليها مسؤولية قومية لمصر.
وأكد “غلاب” أن ظاهرة التكاثر السنوية تشمل 13 نوعًا من الشعاب المرجانية من جنس “أكروبوا”، وهو الأكثر انتشارًا في شمال البحر الأحمر وأحد أهم أنواع المرجان في العالم، حيث يحدث التكاثر في توقيت واحد لإنتاج أجيال جديدة من الشعاب المرجانية، حيث تمر البويضات بمراحل نمو متعددة، تبدأ من اللون الأبيض للبويضات غير الناضجة ثم تتحول إلى الكريمي الفاتح، والكريمي، والوردي الفاتح، وعندما تصل إلى مرحلة النضج، تطلق المستعمرات المرجانية ملايين البويضات في البحر، مما يسبب تحول لون مياه البحر إلى الوردي نتيجة للعدد الكبير من البويضات.
وأشار “غلاب” إلى أن التكاثر الطبيعي للشعاب المرجانية قد يعيد الأمل في استزراع وإحياء الأماكن المدمرة من الشعاب المرجانية خلال السنوات الماضية.
كما أضاف “غلاب” أن قدرة مستعمرات الشعاب المرجانية على إنتاج البويضات تتراوح بين 265 بويضة/سم² و627 بويضة/سم² من البيض الناضج، والتي تتميز باللون الوردي، وأن ظاهرة التكاثر الجنسي هي عملية بيولوجية تحدث سنويًا في النصف الثاني من شهر أبريل وحتى نهايته، خاصة لأنواع الشعاب المرجانية الصلبة المتفرعة من جنس أكروبورا.
وتابع “غلاب” في تصريحات خاصة لـ”إقرأ نيوز” أن ظاهرة التكاثر السنوي تعد فريدة ومثيرة للاهتمام، حيث عندما يتحول ساحل مدينة الغردقة إلى اللون الأحمر في فصول الربيع، فإن ذلك يعد دليلاً على حدوث عملية التكاثر في البحر، مما يشير إلى استقرار النظام البيئي للشعاب المرجانية وقدرتها على النمو والتكاثر، مما يستدعي استمرار جهود حماية هذا النظام البيئي في البحر الأحمر لما له من أهمية في الحفاظ على التنوع البيولوجي العالمي ودعم اقتصاد السياحة البيئية في المنطقة.
وأوضح “غلاب” أن عملية التكاثر هي عملية بيولوجية تقوم بها الشعاب المرجانية لإنتاج بويضات تتكون داخل نسيج البوليب، وتتطور هذه البويضات حتى تصبح وردية في إشارة إلى اكتمال نضجها، وفي إحدى ليالي شهر أبريل، تطلق الشعاب المرجانية هذه البويضات في الماء مع إطلاق الحيوانات المنوية، حيث يتم تخصيب البويضات التي تتحول إلى يرقات بمجرد تلامسها مع جسم صلب، مما يؤدي إلى تكوين مرجان جديد، وتستمر هذه العملية سنويًا في شهر أبريل.
وأكد “غلاب” أن الشعاب المرجانية الصلبة تقوم بالتكاثر الجنسي في هذا التوقيت من كل عام من خلال إطلاق ملايين البويضات والحيوانات المنوية الناضجة، ونجاح عدد محدود منها يعتمد على الظروف المناسبة، حيث تتلاقى هذه البويضات والحيوانات المنوية وتنتج يرقات قادرة على النمو في حالة وجود قاع صلب للثبات عليه، مما يؤدي إلى نمو مستعمرات مرجانية، حيث يعتمد التكاثر الجنسي في البحر الأحمر على اكتمال ظهور القمر، حيث تم رصد هذه الظاهرة وتغير لون المياه إلى الوردي.