أسرة الطفلة مريم التونسية تُصدر أول تعليق وتحذر من مخاطر استخدام العوامات في البحر

أسرة الطفلة مريم التونسية تُصدر أول تعليق وتحذر من مخاطر استخدام العوامات في البحر

في زاوية من شاطئ عين غرنز بمدينة قليبية، جلست أم تونسية تستمتع بعطلة قصيرة مع طفلتها مريم، وضعتها على عوامة ملونة، ولفت خيطًا حول خصرها ظنًا منها أنها بذلك تضمن لها الأمان، لكنها لم تكن تعلم أن البحر لا يقيد بخيوط ولا يردّ من يختاره.

كانت مريم، التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات، تضحك وتلوح بيديها الصغيرتين، والموج يلاعبها، لكن ثوانٍ قليلة كانت كفيلة بتحويل تلك الضحكة إلى صرخة، والعطلة إلى مأتم، والعوامة إلى تابوت طافٍ في عرض البحر.

السبت الأسود.. حين ابتلع الموج الطفلة

منذ صباح يوم السبت، تحول الشاطئ إلى مسرح استغاثة، «مريم راحت» كانت الصرخة الأولى التي أطلقتها الأم حين انقطع الخيط، حاول الأب الركض وسط الموج، صرخ باسمها، هرول، غاص، تشبث بالأمل، لكنه لم يستطع مجاراة التيارات القوية، ووفق رواية عم الطفلة التي أدلى بها لإذاعة موزاييك، فإن الرياح كانت شديدة والموج عاتٍ لدرجة أن الأب كاد أن يغرق هو الآخر لولا تدخل سريع لإنقاذه.

الحماية المدنية في تونس أطلقت أكبر عملية بحث في شواطئ الوطن القبلي، بمشاركة فرق من الحرس البحري، جيش البحر، غواصين، طائرات دون طيار، زوارق نجدة، وفريق للإسناد التكتيكي مزود بمعدات متطورة، حتى أن أهالي المنطقة شاركوا بقلوبهم، وبعيونهم التي لم تفارق الأفق.

روايات تضارب وأمل لا يموت.

وفي الأيام التالية، تعاظمت حكايات الناس، البعض قال إنها اختطفت، واستند إلى شهادة سيدة زعمت أنها رأت شخصًا يحملها فوق سطح منزلها، غواص أشار إلى إمكانية وجودها عالقة في قاع البحر، بينما تحدث مصدر أمني عن احتمالية انجرافها بعيدًا، الكل كان يحاول أن يتمسك بخيط أمل، أن تعود مريم، أن يسمع صوتها، أن يُرى ظلها، أن تتحرك العوامة وحدها.

وبعد 72 ساعة من البحث، تم العثور عليها تطفو بالقرب من ميناء بني خيار، على بعد 20 كيلومترًا من المكان الذي فقدت فيه، وسلم الجثمان إلى الأسرة وسط مشهد جنائزي، ولا كلمات يمكن أن تصف وداع أم لطفلتها، لا عدسات قادرة على التقاط ارتجاف قلب أم فقدت نبضه، ولا بحوث الإنقاذ قادرة على تفسير فقد لا يعوض.

المأساة أثارت أسئلة كبرى حول السلامة على الشواطئ، الدكتور رأفت حمزة، أستاذ الغوص والإنقاذ بجامعة الإسكندرية، شدد على أن العوامات المطاطية لا تصلح للاستخدام في البحر، خصوصًا في الظروف الجوية الصعبة.

وقال: «الناس تعتقد أن العوامة تحمي الطفل، لكنها في الواقع تعرضه لخطر أكبر، خصوصًا في وجود تيارات قوية، ما حدث مع مريم نموذج مأساوي لتلك الثقة الخادعة» وأوضح أن العوامة قد تنقلب بسهولة أو تنزلق من الطفل، أو تسحب داخل البحر بفعل الرياح، كما حدث بالفعل

بحسب شهادة الغواص ختام ناصر، فإن شاطئ عين غرنز يعد من أخطر الشواطئ في المنطقة، بتياراته الهوائية ومياهه العميقة، ورغم ذلك، لا يتوفر فيه منقذون ولا مراقبة كافية، ما جعل الحادثة تتكرر مرارًا في أماكن مماثلة، ويختتم قائلا «العوامات ليست أدوات نجاة، بل قد تتحول إلى وسيلة غرق».

على جثمان الطفلة مريم في بني خيار من قبل الحرس البحري في سواحل مدينة البحرية جرفتها من سواحل قليبية الى سواحل بني خيار.

— 🦅 ابراهيم🦅 (@Hima9954).