
للشهر الثاني على التوالي، تفتقر أسواق ومطاعم مدينة الغردقة الواقعة على البحر الأحمر إلى أسماك «الشعور»، التي تُعتبر من أشهر الأنواع المفضلة لدى السكان والزوار، حيث تتصدر قائمة الأطباق في المطاعم والأسواق.
ومع استمرار قرار هيئة الثروة السمكية بوقف الصيد خلال موسم التفريخ، وغياب الإمدادات من المناطق الجنوبية، يعاني سوق السمك الرئيسي في حلقة الميناء بالسقالة، والمحلات المنتشرة في المنطقة، والمطاعم المتخصصة، من نقص حاد في أسماك الشعور، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، حيث تجاوز سعر الكيلو ٤٠٠ جنيه – إذا وُجد.
أما الأنواع المتاحة حاليًا في الأسواق، فهي تعتمد على أسماك المزارع أو تلك القادمة من البحر المتوسط، والتي لا تحظى بنفس الإقبال كما هو الحال مع أسماك البحر الأحمر، فاختفاء أسماك الشعور يمثل أزمة حقيقية، خاصة مع ارتباط هذا النوع من الأسماك بثقافة البحر الأحمر الغذائية.
قامت «إقرأ نيوز» بجولة في سوق السمك الرئيسي بالغردقة، حيث كانت الطاولات خالية من أي عرض لأسماك الشعور، واكتفى التجار بعرض أنواع أخرى مثل البلطى والبورى والدنيس، بينما أشار بعض البائعين إلى أن الزبائن يسألون بشكل متكرر عن أسماك «الشعور»، لكنهم يضطرون للاعتذار أو اقتراح بدائل من أنواع أخرى.
قال محمد قرمة، أحد التجار في حلقة البيع بالغردقة: «أسماك الشعور مش موجودة من فترة، واللي بيجي من الشلاتين أو الجنوب قليل جدًا ومش بيكفي، ولو جاء يذهب للمطاعم الكبيرة أو يتم حجزه مسبقًا، وده من شهرين بسبب وقف الصيد من الثروة السمكية».
في المقابل، تعتمد المطاعم البحرية حاليًا على توفير الأسماك من مصادر بديلة، سواء من مزارع في محافظات أخرى بالوجه البحري، أو الاستيراد من الخارج، أو من ميناء الطور والسويس، لكن أصحاب المطاعم يؤكدون أن هذا الحل مؤقت وغير مرضٍ للزبائن، وأن الجميع يسأل عن أسماك الشعور.
قال محمد شعبان، مدير مطعم أسماك بالغردقة: «الزبون في المطعم عايز أسماك الشعور، بيجي مخصوص الغردقة علشان يأكل الشعور.. لما ما يلاقيهوش بيضطر ياكل نوع تاني وهو مش مبسوط، وأوقات بيغير المطعم خالص».
تقول سعاد عبد الله، من أهالي الغردقة: «كل سنة كنا بنستنى موسم فرشة أسماك الشعور.. دلوقتي السوق فاضي والأسعار نار، وكيلو الشعور بقى بـ٤٠٠ جنيه لو لقيته، وكان قبل وقف الصيد بـ٢٥٠ من كام شهر».
وفقًا لتصريحات مسؤولي هيئة الثروة السمكية، فإن وقف الصيد في هذه الفترة يأتي لحماية أسماك الشعور خلال موسم وضع البيض والتكاثر، حيث تبدأ الأسماك هجرتها السنوية من الجنوب إلى الشمال، مما يجعلها عرضة لصيد جائر يهدد استمرار النوع، وتقوم دوريات بحرية من المحميات والهيئة بمتابعة الوضع في مناطق الصيد، لضمان عدم الصيد في توقيتات الحظر المقررة.
ومع ترقب الصيادين والمواطنين والمستهلكين انتهاء فترة الحظر، يأمل الجميع في عودة أسماك الشعور إلى الأسواق والمطاعم قريبًا، لتعود معها الأطباق المميزة التي طالما اشتهرت بها مطاعم وأسواق الغردقة، وتستعيد حركة البيع والشراء طبيعتها، بعدما أصبحت طاولات السمك بحلقات البيع والمطاعم خاوية من أسماك الشعور، وتجاوز سعر الكيلو ٤٠٠ جنيه – إن وُجد – في الأسواق.